للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ لِكَوْنِهِ شِرَاءَ فُضُولِيٍّ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ وَقَدَّمْنَا عَنْ أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ فِي الشِّرَاءِ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَقَيَّدَ بِالْعَقْدِ احْتِرَازًا عَنْ الْوَكِيلِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ وَطَلَّقَ الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ طَلَّقَ الْأَجْنَبِيُّ فَأَجَازَ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلَّقَهُ بِلَفْظِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُونَ وَقَاضِي خَانْ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَيُزَادُ الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُبْرِئَ غَرِيمَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ فَأَبْرَأهُ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ اهـ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَالْبَيْعِ وَتُزَادُ الْخُصُومَةُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ فَلَا تَكْفِي الْحَضْرَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْخُصُومَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ خَاصَمَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَالْمُوَكِّلُ حَاضِرٌ جَازَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ الْأَوَّلُ خَاصَمَ بِنَفْسِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَضْرَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْإِجَازَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ وَإِنَّ حَضْرَةَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَا تَكْفِي وَالْمُطْلَقُ مِنْ الْعِبَارَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ.

كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْخَانِيَّةِ وَإِنَّمَا قَالَ بَاعَ وَلَمْ يَقُلْ عَقَدَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَكِنْ لَا يَشْمَلُ النِّكَاحَ وَالْكِتَابَةَ وَالْخُلْعَ مَعَ أَنَّهُمَا كَالْبَيْعِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ إلَّا فِي دَفْعِ زَكَاةٍ وَقَبْضِ دَيْنٍ لِمَنْ فِي عِيَالِهِ وَعِنْدَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ لَهُ وَالتَّفْوِيضُ إلَى رَأْيِهِ كَالْإِذْنِ إلَّا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ فَإِنْ وَكَّلَ بِدُونِهِمَا فَفَعَلَ الثَّانِي فَأَجَازَهُ الْأَوَّلُ صَحَّ إلَّا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِبْرَاءٍ وَخُصُومَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَإِنْ فَعَلَ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ جَازَ إلَّا فِي شِرَاءٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قِيلَ لِلْوَكِيلِ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ لِوَكِيلِهِ لَا يَمْلِكُ الثَّانِي تَوْكِيلَ ثَالِثٍ وَفِي الْأَقْضِيَةِ لَوْ قَالَ السُّلْطَانُ: اسْتَخْلِفْ مَنْ شِئْتَ فَاسْتَخْلَفَ آخَرَ قَالَ الْقَاضِي لَهُ ذَلِكَ اسْتَخْلِفْ مَنْ شِئْتَ لَهُ ذَلِكَ الِاسْتِخْلَافُ أَيْضًا وَثَمَّةَ اهـ.

وَفِيهَا وَوَصِيَّةُ الْوَكِيلِ إلَى آخَرَ عِنْدَ الْمَوْتِ كَالتَّوْكِيلِ وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك فَوَكَّلَ آخَرَ فَبَاعَهُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ أَوْ بَاعَ مَالَهَا أَوْ اشْتَرَى لَهَا لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ الرِّقَّ وَالْكُفْرَ يَقْطَعَانِ الْوِلَايَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ لَا يَمْلِكُ إنْكَاحَ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ إنْكَاحَ غَيْرِهِ وَكَذَا الْكَافِرُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْوِيضِ لِلْقَادِرِ الْمُشْفِقِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى النَّظَرِ وَالرِّقُّ يُزِيلُ الْقُدْرَةَ وَالْكُفْرُ يَقْطَعُ الشَّفَقَةَ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُفَوَّضُ إلَيْهِمَا وَشَمَلَ الْكَافِرُ الذِّمِّيَّ وَالْحَرْبِيَّ الْمُرْتَدَّ فَتَصَرُّفُهُ عَلَى وَلَدِهِ مَوْقُوفٌ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ نَافِذًا فِي مَالِهِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمِلَّةِ وَهِيَ مُتَرَدِّدَةٌ ثُمَّ تَسْتَقِرُّ جِهَةُ الِانْقِطَاعِ إذَا قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ فَتَبْطُلُ وَبِالْإِسْلَامِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا فَيَصِحُّ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَوْ اشْتَرَى لَهَا بِمَالِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى لَهَا بِمَالِ نَفْسِهِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى لَهَا بِمَالِهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ حُرِّيَّةُ الْوَلِيِّ وَإِسْلَامُهُ إنْ كَانَ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا وَإِلَّا لَا وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْبُيُوعِ الْوِلَايَةُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَى الْأَبِ وَوَصِيِّهِ ثُمَّ وَصِيِّ وَصِيِّهِ ثُمَّ إلَى أَبِ الْأَبِ ثُمَّ إلَى وَصِيِّهِ ثُمَّ إلَى الْقَاضِي ثُمَّ إلَى مَنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي تَرِكَةِ الْأُمِّ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ وَصِيِّ وَصِيِّهِ أَوْ الْجَدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَلَهُ الْحِفْظُ وَبَيْعُ الْمَنْقُولِ لَا الْعَقَارِ وَالشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ وَمَا اسْتَفَادَهُ الصَّغِيرُ غَيْرُ مَالِ الْأُمِّ مُطْلَقًا وَتَمَامُهُ فِيهَا اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَمَا أَضَافَهُ الثَّانِي لِمُوَكِّلِهِ فَيَتَوَقَّفُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يُضِفْهُ فَلَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ لَهُ) فَاعِلُ التَّقْدِيرِ هُوَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْهِدَايَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْهُ بَدَلَ قَوْلِهِ لَهُ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ إيهَامِ أَنَّ فَاعِلَ الْمَصْدَرِ هُوَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَيُخَالِفُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُنْيَةِ وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ.

[زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ]

(قَوْلُهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَإِنْ بَعُدَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْحِفْظُ وَبَيْعُ الْمَنْقُولِ لَا الْعَقَارِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وَصِيُّ الْأُمِّ مَعَ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ عَدَمُهُ إلَّا لِمُسَوِّغٍ كَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ بِضَعْفِ الْقِيمَةِ أَوْ يَكُونُ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْخَرَابِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الدُّرِّ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا مَعْزِيًّا لِلدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ قُلْت: الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَمَا هُنَا يَبْتَنِي عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهَذَا جَوَابُ السَّلَفِ وَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ: وَبِهِ يُفْتَى أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ وَمَا اسْتَفَادَهُ الصَّغِيرُ غَيْرُ مَالِ الْأُمِّ) أَيْ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالٍ اسْتَفَادَهُ مِنْ غَيْرِ الْأُمِّ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَلَهُ الْحِفْظُ وَبَيْعُ الْمَنْقُولِ مِنْ الْحِفْظِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ عَقَارِهِ وَلَا وِلَايَةُ الشِّرَاءِ عَلَى التِّجَارَةِ إلَّا شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>