للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا كَانَ إقْرَارًا بِمِلْكِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمُودِعَ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَصَدَّقَهُ دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى مَالُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ مَالُ الْوَارِثِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الدَّيْنَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى وَلَوْ قَالَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا أَوْ وَصِيَّةً لَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَوُّمِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ فَكَانَ تَكْرَارًا مَعْنًى وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الصُّورَةِ فَإِنَّهُ صَوَّرَهَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِأَنَّهُ وَارِثٌ وَهُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثٌ وَصَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ هُنَاكَ فَلَا نُعِيدُهُ فَارْجِعْ إلَيْهَا وَقَيَّدَ بِالتَّصْدِيقِ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ مَوْتَهُ أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي لَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ فِي صُورَةِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ لَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْيَدِ خَصْمًا وَقَيَّدَ بِدَعْوَى الْإِرْثِ مُشِيرًا إلَى الْوَصِيَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ دَعْوَى الْإِيصَاءِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ لَهُ إذَا كَانَ عَيْنًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْمَالِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْغَصْبِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي حَيَاتِهِ بِقَبْضِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَى الْمُقِرِّ فَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْأَوَّلِ يُصَدَّقُ وَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِهِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَبَيَانُهُ فِي الشَّرْحِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُودَعَ الْمَيِّتِ وَمَدْيُونَهُ لَيْسَ لَهُمَا الدَّفْعُ إلَى مُدَّعِي الْإِيصَاءِ وَلَوْ صَدَّقَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يَبْرَآنِ بِالدَّفْعِ قَبْلَ ثُبُوتِ أَنَّهُ وَصِيٌّ وَأَطْلَقَ فِي دَفْعِهَا إلَى الْوَارِثِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَدَفَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى الْوَارِثِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي ضَمِنَ (خ) لَوْ مُسْتَغْرِقَةً ضَمِنَ وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤْتَمَنْ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَأَدَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ لِوَارِثِهِ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمَيِّتِ فَلَهُ قَبْضُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَدْيُونًا وَلَهُ وَصِيٌّ أَوْ لَا وَلَوْ مَدْيُونًا يُخَاصِمُ وَلَا يَقْبِضُ وَإِنَّمَا يَقْبِضُ وَصِيُّهُ وَلَوْ أَدَّى مَدْيُونٌ إلَى الْوَصِيِّ يَبْرَأُ أَصْلًا وَلَوْ وَصَّى فَدَفَعَ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَبْرَأُ عَنْ حِصَّتِهِ خَاصَّةً اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ قَدْ ثَبَتَتْ وَالِاسْتِيفَاءُ لَمْ يَثْبُتْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ فَلَا يُؤَخَّرُ الْحَقُّ وَقَدْ جَعَلُوا دَعْوَاهُ الْإِيفَاءَ لِرَبِّ الدَّيْنِ جَوَابًا لِلْوَكِيلِ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ وَبِالْوَكَالَةِ وَإِلَّا لَمَا اشْتَغَلَ بِذَلِكَ كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الدَّائِنُ فَادَّعَى الْإِيفَاءَ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ وَكَمَا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعِي ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فَإِنَّ جَوَابَهُ تَسْلِيمٌ لِلْحُدُودِ كَمَا فِي دَعْوَى مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِاسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَى أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ عَجْزِ الْمَدْيُونِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِيفَاءِ إذْ لَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ قَيَّدَ بِالْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَكِيلُ إجَارَةِ الدَّارِ وَقَبْضِ الْغَلَّةِ ادَّعَى بَعْضُ السُّكَّانِ أَنَّهُ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ لِمُوَكِّلِهِ وَبَرْهَنَ وُقِفَ وَلَا يُحْكَمُ بِقَبْضِ أَجْرٍ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاتَّبَعَ رَبَّ الْمَالِ وَاسْتَحْلَفَهُ) رِعَايَةً لِجَانِبِ الْغَرِيمِ فَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مَيِّتًا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى لِلْمَيِّتِ وَصِيُّهُ دِينًا عَلَى آخَرَ فَادَّعَى الْإِيفَاءَ حَالَ حَيَاتِهِ فَأَنْكَرَهُ وَصِيُّهُ لَا يَحْلِفُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَائِدَةِ وَيَدْفَعُ الدَّيْنَ إلَى الْوَصِيِّ فَإِنْ قُلْت فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ قَصْرُ يَدِهِ.

قُلْت: أُرِيدَ بِالْفَائِدَةِ أَنْ يَكُونَ نُكُولُهُ كَنُكُولِ مُوَكِّلِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ الْمُنَاقَشَةِ لِتَحَقُّقِ الْفَائِدَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَكْفِ هَذَا الْقَدْرُ فِي جَوَازِ التَّحْلِيفِ اهـ.

وَأَجَبْت عَنْهُ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّ قَصْرَ يَدِهِ مُرَتَّبٌ عَلَى نُكُولِهِ وَأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَنُكُولُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى لَمْ يُعْتَبَرْ فَلَا فَائِدَةَ أَصْلًا وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَادَّعَى الْغَرِيمُ مَا يُسْقِطُ حَقَّ مُوَكِّلِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ مَا إذَا ادَّعَى إبْرَاءَ الْمُوَكِّلِ وَلِشُمُولِهِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى أَرْضًا وَكَالَةً أَنَّهُ مِلْكُ مُوَكِّلِي فَبَرْهَنَ فَقَالَ ذُو الْيَدِ إنَّهُ مِلْكِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ لَهُ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي بَحْثِ أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَلَوْ قَضَى بِدَفْعِهِ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُؤَدِّيًا إلَى إسْقَاطِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ إذْ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَكِيلِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى لَهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ يَصِيرُ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ اهـ.

[وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ]

(قَوْلُهُ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إذْ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يَجُزْ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ عَلَى الْغَيْرِ وَكَذَا أَبٌ طَالَبَ زَوْجَ بِنْتِهِ الْبَالِغَةِ بِمَهْرِهَا وَقَالَ: ابْنَتِي بِكْرٌ فِي مَنْزِلِي وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ دَخَلْتُ بِهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهَا حَقُّ الْقَبْضِ صُدِّقَ الْأَبُ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الْعَارِضَ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ وَلَا يَحْلِفُ الْأَبُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِدُخُولِهِ إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا لِمَا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مَيِّتًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: مَسْأَلَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَاصِرَةٌ عَلَى دَعْوَى الْوَصِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَتِهِ وَلَا شَكَّ فِي تَحْلِيفِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَائِدَةِ) أَيْ مَرَّ فِي كَلَامِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ حَيْثُ قَالَ قَبْلَ هَذَا: إذْ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يَجُزْ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>