للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا بَطَلَتْ بِاللَّحَاقِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ مُسْلِمًا عَلَى الْمَذْهَبِ الظَّاهِرِ مُوَكِّلًا كَانَ أَوْ وَكِيلًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَفَاقَ بَعْدَ جُنُونِهِ مُطْبِقًا لَا تَعُودُ وَكَالَتُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ إلَّا فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَهُ جَائِزًا بِوَكَالَةٍ ثُمَّ مَاتَ مُوَكِّلُهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ الْوَكِيلُ اهـ. وَالْبَيْعُ الْجَائِزُ هُوَ بَيْعُ الْوَفَاءِ اصْطِلَاحًا.

(قَوْلُهُ وَافْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ تَبْطُلُ بِافْتِرَاقِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ وَالْعَزْلُ الْحُكْمِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا افْتَرَقَا بِبُطْلَانِ الشَّرِكَةِ لِهَلَاكِ الْمَالَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ الضِّمْنِيَّةُ وَمَا إذَا وَكَّلَ الشَّرِيكَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَلَوْ افْتَرَقَا انْعَزَلَ هَذَا الْوَكِيلُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحَا بِالْإِذْنِ فِي التَّوْكِيلِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَكِيلًا ثُمَّ تَفَرَّقَا وَاقْتَسَمَا الْمَالَ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَمْضَى الْوَكِيلُ مَا وَكَّلَ بِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ كَانَ وَكَّلَاهُ جَمِيعًا لِأَنَّ وَكَالَةَ أَحَدِهِمَا جَائِزَةٌ عَلَى الْآخَرِ وَلَيْسَ تَفَرُّقُهُمَا نَقْضًا لِلْوَكَالَةِ لِأَنَّ أَثَرَ النَّقْضِ لَا يَظْهَرُ فِي تَوَابِعِ عُقُودٍ بَاشَرَهَا أَحَدُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَكِيلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ تَقَاضِي دَيْنٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مِنْ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا فِي تَقَاضِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الَّذِي أَدَانَهُ فَإِخْرَاجُ هَذَا إيَّاهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُدْنِهِ لَمْ يَجُزْ تَوْكِيلُهُ هَذَا فِي تَقَاضِيهِ الشَّرِيكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَجْزُ مُوَكِّلِهِ لَوْ مُكَاتَبًا وَحَجْرُهُ لَوْ مَأْذُونًا) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قِيَامَ الْوَكَالَةِ يَعْتَمِدُ قِيَامَ الْأَمْرِ وَقَدْ بَطَلَ بِالْحَجْرِ وَالْعَجْزِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا فِي الْعُقُودِ وَالْخُصُومَاتِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ وَاقْتِضَائِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ الْحَجْرَ عَنْ إنْشَاءِ التَّصَرُّفِ لَا عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَاقْتِضَائِهِ فَكَذَا لَا يُوجِبُ عَزْلَ وَكِيلِهِ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَجْزِهِ وَحَجْرِهِ كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ بِكِتَابَةِ مُوَكِّلِهِ وَإِذْنِهِ وَقَدْ حَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَزْلَ وَكِيلِهِمَا بِهِمَا وَبِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ بُطْلَانِهَا بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ عَزَلَ وَكِيلَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ كَالْحَجْرِ الْخَاصِّ وَلَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ بَعْدَ مَا وَكَّلَهُ سَيِّدُهُ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَمَا وَكَّلَهَا لَمْ يَنْعَزِلَا وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ عَلَى وَكَالَتِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْوَكَالَةِ كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ تَوْكِيلَ عَبْدِ الْغَيْرِ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَا السَّيِّدِ وَقَدْ سَبَقَ إطْلَاقُ جَوَازِهِ لِأَنَّهُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ اسْتِخْدَامِ عَبْدِ الْغَيْرِ وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ نَاظِرٍ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي أَمْر الْوَقْفِ ثُمَّ عَزَلَهُ الْقَاضِي هَلْ يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ بِعَزْلِهِ فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا يُشْتَرَطُ لِدَوَامِهَا مَا يُشْتَرَطُ لِابْتِدَائِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ لِانْقِضَاءِ الْحَاجَةِ أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِتَصَرُّفٍ يَعْجِزُ الْوَكِيلُ عَنْ التَّصَرُّفِ مَعَهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ فَأَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَفَعَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ بِالْخُلْعِ فَخَالَعَهَا بِنَفْسِهِ وَأَمَّا مَالًا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَقَعَ طَلَاقُ الْوَكِيلِ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلُحُوقُهُ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِهَا فَخَالَعَهَا الزَّوْجُ وَقَعَ طَلَاقُ الْوَكِيلِ فِي عِدَّتِهَا وَلَوْ وَكَّلَ بِالْبَيْعِ فَبَاعَهُ الْمُوَكِّلُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ وَإِنْ رُدَّ بِمَا لَا يَكُونُ فَسْخًا لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي هِبَةِ شَيْءٍ ثُمَّ وَهَبَهُ الْمُوَكِّلُ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الْهِبَةُ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ رَهَنَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ آجَرَهُ فَسَلَّمَهُ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ دَارِهِ ثُمَّ أَجَّرَهَا الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ يَعُودُ عَلَى وَكَالَتِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ دَارِهِ ثُمَّ بَنَى فِيهَا فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ التَّجْصِيصَ وَالْوَصِيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ.

وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ أَرْضِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِذَا بَطَلَتْ بِاللَّحَاقِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَكِيلَ إنْ عَادَ مُسْلِمًا بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَالْقَضَاءُ بِهِ تَعُودُ الْوَكَالَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا تَعُودُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ عَادَ الْمُوَكِّلُ مُسْلِمًا بَعْدَ اللُّحُوقِ وَالْقَضَاءِ بِهِ لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ عِنْدَهُمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ تَعُودُ كَمَا قَالَ فِي الْوَكِيلِ وَالْفَرْقُ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ أَنَّ مَبْنَى الْوَكَالَةِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْمِلْكِ وَقَدْ زَالَ بِرِدَّتِهِ وَالْقَضَاءُ بِلَحَاقِهِ وَفِي حَقِّ الْوَكِيلِ عَلَى مَعْنًى قَائِمٍ بِهِ وَهُوَ الْأَهْلِيَّةُ وَلَمْ تَزُلْ بِالْقَضَاءِ بِلَحَاقِهِ كَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ تَعُودَ الْوَكَالَةُ الْبَاطِلَةُ بِمُجَرَّدِ اللُّحُوقِ بِدُونِ الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ قَوْلُهُ إذَا عَادَ الْمُوَكِّلُ مُسْلِمًا بَعْدَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْبَائِعِ اهـ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَيْ لِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ فَالْمُشْتَرِي مُرْتَهِنٌ.

[افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يُبْطِل الْوَكَالَة]

(قَوْلُهُ عُزِلَ وَكِيلُهُمَا بِهِمَا) أَيْ الْحَجْرِ وَالْعَجْزِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) إذَا كَانَ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ لِعَبْدِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّجْصِيصَ) هَكَذَا فِي أَغْلِبْ النُّسَخِ وَفِي نُسْخَةٍ لَا التَّجْصِيصُ بِلَا النَّافِيَةِ وَقَوْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>