للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ جَازَ وَيَطِيبُ لَهُ إذَا كَانَ صَادِقًا وَفِي الْأَجْنَاسِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْبَيْعِ وَبَيْعُ الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ وَكُلُّ صُلْحٍ بَعْدَ صُلْحٍ فَالثَّانِي بَاطِلٌ وَكَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَالشِّرَاءُ بَعْدَ الشِّرَاءِ جَائِزٌ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ قَبْلَهُ لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ حَقٌّ فَالصُّلْحُ مَاضٍ وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ مَا كَانَ لِي قِبَلَهُ حَقٌّ بَطَلَ ادَّعَى مَالًا أَوْ غَيْرَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاشْتَرَى ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي يَجُوزُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي وَيَقُومُ مَقَامَهُ فِي الدَّعْوَى فَإِنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ جَحَدَ الْمَطْلُوبَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ يَصِحُّ وَعَنْ الْبَاطِلَةِ لَا وَالْفَاسِدَةُ مَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا وَالصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى حَقِّ الشِّرْبِ أَوْ حَقِّ الشُّفْعَةِ أَوْ حَقِّ وَضْعِ الْجُذُوعِ وَنَحْوِهِ يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَتَى تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ نَحْوَ الشَّخْصِ فِي أَيِّ حَقٍّ كَانَ فَافْتَدَى الْيَمِينَ بِدَرَاهِمَ يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى قِبَلَهُ تَعْزِيرًا بِأَنْ قَالَ كَفَّرَنِي أَوْ أَضْلَلْنِي أَوْ رَمَانِي بِسُوءٍ وَنَحْوَهُ حَتَّى تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ وَنَحْوُهُ فَافْتَدَاهَا بِدِرْهَمٍ يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ مِنْ يَمِينِهِ عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ مِنْ دَعْوَاهُ الْكُلَّ فِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ حَلَفْت أَنَّهَا لَك دَفَعْتهَا فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ إنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ بِحُكْمِ الشَّرْطِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بُخَارِيَّةً بِبُخَارَى أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَرَاهِمَ بُخَارِيَّةً بِبُخَارَى فَالْتَقَيَا بِبَلْدَةٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا الْبُخَارِيَّةُ قَالُوا يُؤَجَّلُ قَدْرُ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَيَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ وَالصُّلْحُ مَعَ الْمُودِعِ عَلَى أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يُنْكِرَ الِاسْتِيدَاعَ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى مَعْلُومٍ جَازَ الصُّلْحُ ثَانِيهَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فَطَالَبَهُ بِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا فَسَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ تَصَالَحَا جَازَ أَيْضًا ثَالِثُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَصُلْحِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَرَابِعُهَا إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ وَصَاحِبُ الْمَالِ سَاكِتٌ لَا يُصَدِّقُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ قَوْلَانِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ آخِرِ الدَّعْوَى لَوْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً فَهَلَكَتْ فَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّابَّةِ الْإِعَارَةَ فَصَالَحَهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى مَالٍ جَازَ فَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعَارِيَّةِ وَقَالَ إنَّهَا هَلَكَتْ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَطَلَ الصُّلْحُ وَفِيهَا مِنْ آخِرِ الصُّلْحِ إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ عِنْدَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمَيِّتِ وَلِلْمَيِّتِ ابْنَانِ فَصَالَحَ أَحَدَهُمَا مِنْ حَقِّهِ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ صَالَحَ جَازَ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ وَقَعَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا مُشَاجَرَةٌ فَتَوَسَّطَ الْمُتَوَسِّطُونَ بَيْنَهُمَا لِلْمُصَالَحَةِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أُصَالِحُهُ حَتَّى يُعْطِيَنِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا يَحِلُّ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ حَقًّا مِنْ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

(هِيَ شَرِكَةٌ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ جَانِبٍ وَعَمَلٌ مِنْ جَانِبٍ) فَلَوْ شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ مُضَارَبَةً وَيَجُوزُ التَّفَاوُتُ فِي الرِّبْحِ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ اثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تُسَاوِيهِمَا فِيمَا فَضَلَ مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ فِيمَا فَضَلَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَرُكْنِهَا اللَّفْظُ الدَّالُ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ دَفَعْت إلَيْك هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً أَوْ مُفَاوَضَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنَّ لَك مِنْ الرِّبْحِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ قَالَ ابْتَعْ بِهِ مَتَاعًا فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلَكَ كَذَا أَوْ خُذْ ذَلِكَ بِالنِّصْفِ بِخِلَافِ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ وَاشْتَرِ بِهَا هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُضَارَبَةٍ بَلْ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ اشْتَرَى وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ إلَّا بِأَمْرٍ وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ وَهُوَ مَعْلُومٌ وَيَكْفِي الْإِعْلَامُ بِالْإِشَارَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ قِسْمَةِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِرَبِّ الْمَالِ.

وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ بِدَيْنٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فَلَا يَصِحُّ وَمَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ مَنْفَعَةً قَبْلَ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ اقْبِضْ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَعَمِلَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>