للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمِ بِلَا تَأْثِيرٍ وَالْعَلَامَةُ هِيَ الدَّالُّ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا إفْضَاءٍ وَلَا تَأْثِيرٍ فَهُوَ عَلَامَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَالْعِلَّةُ فِي الْحَقِيقَةِ النِّعَمُ الْمُتَرَادِفَةُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالضَّرُورَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَوْنُهُ ظَرْفًا ثُمَّ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ الْأَدَاءُ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ انْتَقَلَتْ كَذَلِكَ إلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ وَإِلَّا فَالسَّبَبُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يُضَافُ إلَى جُمْلَتِهِ وَتَمَامُهُ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِلُبِّ الْأُصُولِ وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَكَانَ فَرْضُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَهِيَ لَيْلَةُ السَّبْتِ لِسَبْعَ عَشَرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مَكَّةَ إلَى السَّمَاءِ وَكَانَتْ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ صَلَاتَيْنِ: صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا. قَالَ تَعَالَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: ٥٥] ثُمَّ بَدَأَ بِالْأَوْقَاتِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَالشَّرْطُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنَّ السَّبَبَ أَشْرَفُ مِنْهُ وَلِكَوْنِهِ شَرْطًا أَيْضًا وَقَدَّمَ الْفَجْرَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ النَّهَارِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَوَّلِهِ وَلَا آخِرِهِ أَوْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ صَلَّاهَا آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الظُّهْرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى أُمَّتِهِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ السُّؤَالُ الْمَشْهُورُ كَيْفَ تَرَكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْفَجْرِ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ الَّتِي اُفْتُرِضَ فِيهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَفِي الْغَايَةِ إنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ أَوَّلُ الْخَمْسِ فِي الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ صَبِيحَةُ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الْفَجْرِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا وَقْتَ الصُّبْحِ وَالنَّائِمُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ.

(قَوْلُهُ: وَقْتُ الْفَجْرِ مِنْ الصُّبْحِ الصَّادِقِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ) لِحَدِيثِ أُمَامَةَ «أَتَانِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَ ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتْ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَزَقَ الْفَجْرُ وَحُرِّمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ كَوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الْأَوَّلَ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتْ الْأَرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِك» وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَبَزَقَ أَيْ بَزَغَ وَهُوَ أَوَّلُ طُلُوعِهِ وَقُيِّدَ بِالصَّادِقِ احْتِرَازًا عَنْ الْكَاذِبِ فَإِنَّهُ مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ الَّذِي يَبْدُو كَذَنَبِ الذِّئْبِ، ثُمَّ يَعْقُبُهُ الظَّلَامُ وَالْأَوَّلُ الْمُسْتَطِيرُ وَهُوَ الَّذِي يَنْتَشِرُ ضَوْءُهُ فِي الْأُفُقِ وَهِيَ أَطْرَافُ السَّمَاءِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ آخِرُهُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِهِ أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ أَوْ لِانْتِشَارِهِ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ الْأَخِيرُ لِتَعْرِيفِهِمْ الصَّادِقَ بِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الصَّادِقُ هُوَ الْبَيَاضُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ.

(قَوْلُهُ: وَالظُّهْرُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ سِوَى الْفَيْءِ) أَيْ وَقْتُ الظُّهْرِ، أَمَّا أَوَّلُهُ فَمَجْمَعٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] أَيْ لِزَوَالِهَا وَقِيلَ لِغُرُوبِهَا وَاللَّامُ لِلتَّأْقِيتِ ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ، وَأَمَّا آخِرَهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْأُولَى رَوَاهَا مُحَمَّدٌ عَنْهُ مَا فِي الْكِتَابِ وَالثَّانِيَةُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سِوَى الْفَيْءِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَالْأَوْلَى قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي النِّهَايَةِ إنَّهَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: الْمُسَمَّى بِلُبِّ الْأُصُولِ) هُوَ مُخْتَصَرُ تَحْرِيرِ ابْنِ الْهُمَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَوَّلِهِ وَلَا آخِرِهِ) سَيَأْتِي قَرِيبًا نُقِلَ الْخِلَافُ فِي أَوَّلِهِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَنُقِلَ عَنْ النَّظْمِ أَنَّ آخِرَهُ إلَى أَنْ يَرَى الرَّامِي مَوْضِعَ نَبْلِهِ، قَالَ فَفِي آخِرِهِ خِلَافٌ كَمَا فِي أَوَّلِهِ فَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْخِلَافِ فَمِنْ عَدَمِ التَّتَبُّعِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا انْدَفَعَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: هَذَا بَعْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ فِي الْإِسْرَاءِ لَيْلًا فِيهِ نَظَرٌ، وَلِذَا جَزَمَ السُّرُوجِيُّ بِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْخَمْسِ وُجُوبًا وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ أَيْ أَوَّلُ صَلَاةٍ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ افْتِرَاضِهَا الظُّهْرُ وَلَا شَكَّ أَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهَا فَلِذَا لَمْ يَقْضِ الْفَجْرَ وَقَوْلُ الْعِرَاقِيِّ إنَّهُ كَانَ نَائِمًا وَلَا وُجُوبَ عَلَى النَّائِمِ مَرْدُودٌ، وَقَدْ نَقَلُوا الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمَعْذُورَ بِنَوْمٍ وَنَحْوِهِ إذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ نَعَمْ الْخِلَافُ ثَابِتٌ فِي التَّرْكِ عَمْدًا وَطَائِفَةٌ عَلَى عَدَمِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ أَشْبَعَ ابْنُ الْعِزِّ فِي حَاشِيَتِهِ أَيْ عَلَى الْهِدَايَةِ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

قُلْتُ: وَفِي شَرْحِ الْبَدِيعِ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ لَا يَجِبُ الِانْتِبَاهُ عَلَى النَّائِمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَيَجِبُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ. اهـ.

نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ نَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ فَاغْتَنِمْهُ اهـ.

[أَوْقَات الصَّلَاة]

[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْأَخِيرُ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: بَلْ هُوَ الْأَوَّلُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْبَابِ «ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ يَعْنِي فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ بَرِقَ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ» . (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا فِي الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>