للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَصَّارُ فِي أَجْرِ الثَّوْبِ فَقَالَ الْقَصَّارُ بِرُبْعِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ عَمِلْته بِقِيرَاطٍ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ وَلَمْ يُحَكَّمْ مِقْدَارُ مَا زَادَتْ الْقِصَارَةُ فِيهِ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ]

(بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) ذَكَرَ الْفَسْخَ آخِرًا؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ بَعْدَ وُجُودِهِ لَا مَحَالَةَ فَنَاسَبَ ذِكْرَهُ آخِرًا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَتُفْسَخُ بِالْعَيْبِ) أَيْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِالْعَيْبِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تُفْسَخُ أَفَادَ أَنَّهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْآخَرِ وَلَا عَلَى الْقَضَاءِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِذَا تَحَقَّقَ الْعُذْرُ هَلْ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ إشَارَاتُ الْكُتُبِ مُتَعَارِضَةٌ فَفِي بَعْضِهَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الْعُذْرِ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَفِي عَامَّتِهَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ الْعَقْدُ يَنْفَسِخُ بِدُونِ الرِّضَا قِيلَ هُوَ الصَّحِيحُ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالَ إنْ كَانَ الْعُذْرُ يَمْنَعُ الْمُضِيَّ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ الْمُضِيَّ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ اهـ.

وَفِي الزِّيَادَاتِ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْإِجَارَةَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ أَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْفَسْخِ الرِّضَا أَوْ الْقَضَاءُ اهـ.

وَأَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعَيْبِ، وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ هَذَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَضُرُّ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بَقِيَ الْعَقْدُ لَازِمًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ ذَهَبَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْخِدْمَةِ، أَوْ سَقَطَ شَعْرُهُ أَوْ سَقَطَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ حَائِطٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي سُكْنَاهَا إلَى آخِرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ مِمَّا يَضُرُّ بِالِانْتِفَاعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالِانْتِفَاعِ فَالنُّقْصَانُ يَرْجِعُ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَأَوْجَبَ لَهُ الْخِيَارَ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ، ثُمَّ إنَّمَا يَلِي الْفَسْخَ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَحَدَثَ بِالْمُسْتَأْجِرِ مَا يُوجِبُ حَقَّ الْفَسْخِ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِحُضُورِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا فَلَوْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهَا، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ إذَا ذَهَبَ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَهِيَ لَا تَضُرُّ بِالْخِدْمَةِ أَوْ الدَّارِ إذَا سَقَطَ مِنْهَا حَائِطٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي سُكْنَاهَا وَإِنْ كَانَ يُؤَثِّرُ فِي السُّكْنَى أَوْ الْخِدْمَةِ كَالْعَبْدِ إذَا مَرِضَ أَوْ الدَّابَّةُ إذَا دَبَرَتْ أَوْ الدَّارُ إذَا سَقَطَ مِنْهَا حَائِطٌ يُنْتَفَعُ فِي السُّكْنَى، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارَيْنِ فَسَقَطَ مِنْ أَحَدِهِمَا حَائِطٌ أَوْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ وُجِدَ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ يُنْقِصُ السُّكْنَى فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُمَا جَمِيعًا إذَا كَانَ عَقَدَ عَلَيْهِمَا عَقْدًا وَاحِدًا اهـ.

قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْبَدَلِ فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ فَاتَ رِضَاهُ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَا الْمَنَافِعُ وَهِيَ تَحْدُثُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَمَا وُجِدَ مِنْ الْعَيْبِ يَكُونُ حَادِثًا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي حَقِّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَنَافِعِ فَيُوجِبُ خِيَارَ الْفَسْخِ فَإِذَا فَعَلَ الْمُؤَجِّرُ مَا زَالَ بِهِ الْعَيْبُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلرَّدِّ قَدْ زَالَ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَالْعَقْدُ يَتَجَدَّدُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ فَسَقَطَ اخْتِيَارُ الْفَسْخِ، وَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ مَعَ الْعَيْبِ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْبَدَلِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفِي التَّجْرِيدِ إمَّا أَنْ يَمْنَعَ الِانْتِفَاعَ أَوْ يَنْقُصَ الِانْتِفَاعُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَمَّا تَنَوَّعَ الْعَيْبُ إلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ شَرَعَ يُبَيِّنُ الْأَنْوَاعَ.

فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَخَرَابِ الدَّارِ وَانْقِطَاعِ مَاءَ الضَّيْعَةِ وَالرَّحَى) يَعْنِي تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَوْ بَيَّنَ الْمُؤَجِّرُ الدَّارَ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَسْكُنَهُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ وَفِي النَّوَادِرِ بَنَى الْمُؤَجِّرُ الدَّارَ كُلَّهَا قَبْلَ الْفَسْخِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ إنْ شَاءَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى وَالْبَيْتِ وَبَقِيَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَهُ حِصَّتُهُ وَقَوْلُهُ وَخَرَابِ الدَّارِ إلَى آخِرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَفِي الذَّخِيرَةِ الْإِجَارَةُ فِي الرَّحَى لَا تَنْفَسِخُ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ بَنَى الدَّارَ بَعْدَ الْفَسْخِ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْكُنَهَا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالسَّفِينَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ إذَا نَقَضَتْ وَصَارَتْ أَلْوَاحًا، ثُمَّ أُعِيدَتْ سَفِينَةً أُخْرَى لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ. اهـ.

وَمِثْلُ انْقِطَاعِ مَاءِ الرَّحَى انْكِسَارُ الْحَجَرِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَزْرَعَ أَرْضَهُ بِبَذْرِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَزْرَعَ كَانَ عُذْرًا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَغَرِقَتْ أَوْ تَرِبَتْ أَوْ سَبِخَتْ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِهَا وَفِي الْأَصْلِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا شَيْئًا سَمَّاهُ فَزَرَعَهَا ذَلِكَ وَأَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ وَذَهَبَ وَقْتُ الزِّرَاعَةِ لِذَلِكَ الزَّرْعِ فَأَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ ضَرَرًا أَوْ مِثْلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فُسِخَتْ وَلَزِمَهُ مَا مَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>