للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ أَوْلَادِهَا وَلَا يَضْمَنُ مَا وَهَبَ لَهَا وَمَا اكْتَسَبَ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ فِي كُلِّ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَوْمِ الْغُرُورِ وَلَوْ قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوهُ ثُمَّ نَهَى وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ عَنْ مُبَايَعَتِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ لَمْ يَضْمَنْ لِمَنْ نَهَاهُ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ فِي الْحَجْرِ عَنْ الْمُبَايَعَةِ صَحِيحٌ

[دَخَلَ رَجُلٌ بِعَبْدِهِ مِنْ السُّوقِ وَقَالَ هَذَا عَبْدِي وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ]

وَلَوْ دَخَلَ رَجُلٌ بِعَبْدِهِ مِنْ السُّوقِ وَقَالَ هَذَا عَبْدِي وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَقَدْ لَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ وُجِدَ حُرًّا لَمْ يَكُنْ غَارًّا وَلَوْ قَالَ بَايِعُوهُ ضَمِنَ لَهُمْ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُبَايَعَةِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ وُجُوبِ الدَّيْنِ، وَالْإِذْنَ يَنْفَكُّ وَلَوْ قَالَ هَذَا عَبْدِي فَبَايِعُوهُ وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَذِنْت فَهُوَ غَارٌّ

وَلَوْ قَالَ هَذَا مُدَبَّرِي قَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ لَمْ يَضْمَنْ الَّذِي غَرَّهُمْ شَيْئًا وَلَوْ قَالَ بَايِعُوهُ فِي الْبِرِّ ضَمِنَ إذَا بَايَعُوهُ فِي كُلِّ نَوْعٍ وَلَوْ قَالَ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَبَايَعُوهُ وَغَيْرُهُمْ فَوُجِدَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا لِلْغَيْرِ ضَمِنَ لِمَنْ أَمَرَهُ خَاصَّةً، فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَبْدَ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بَايِعُوهُ وَهُنَا لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ أَذِنْت وَبَايَعُوهُ قُلْنَا هَذَا ضَمَانُ غُرُورٍ فَلِهَذَا ضَمِنَ لِمَنْ أَمَرَهُ خَاصَّةً قَدْرَ حِصَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمُعَامَلَاتِ

وَلَوْ قَالَ بَايِعُوهُ وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُ عَبْدِي لَمْ يَكُنْ غَارًّا وَلَمْ يَضْمَنْ لِأَحَدٍ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ الَّذِي قَالَ هَذَا عَبْدِي صَبِيًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا لَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا اهـ.

وَفِيهِ لَوْ قَالَ هَذَا ابْنِي وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايِعُوهُ وَقَدْ كَانَ ابْنَ غَيْرِهِ فَهُوَ غَارٌّ؛ لِأَنَّهُ أَطْمَعَهُمْ أَنَّ دُيُونَهُمْ تَجِبُ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَتُسْتَوْفَى مِنْ مَالِهِ بِسَبَبِ إذْنِهِ وَقَدْ ظَهَرَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِالْإِذْنِ بِيعَ وَإِلَّا فَلَا) يَعْنِي إذَا حَضَرَ الْمَوْلَى وَأَقَرَّ بِإِذْنِهِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ لِظُهُورِ الدَّيْنِ فِي حَقِّهِ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِتَمَسُّكِهِ بِالظَّاهِرِ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الْغُرَمَاءُ الْإِذْنَ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا إذْ هِيَ مُثْبَتَةٌ كَاسْمِهَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ أَذِنَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ وَلِيُّهُ فَهُوَ فِي الشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ) فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَاتِ دُونَ نَوْعٍ وَيَكُونُ مَأْذُونًا بِالسُّكُوتِ حِينَ يَرَاهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَصَحَّ إقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَعْقِلُ الْبَيْعَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِ، وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ وَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ الرِّبْحَ وَيَعْرِفَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ وَقَالَ لَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَبَيَانُ الدَّلِيلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَسْتَقِيمُ تَعْمِيمُ قَوْلِهِ إنَّ مَا ثَبَتَ فِي الْعَبْدِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَثْبُتُ فِي الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ مَعَ التَّخَلُّفِ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ أَنَّ الْمَوْلَى مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، وَالرِّوَايَةُ فِي الْمَبْسُوطِ قُلْت الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْعَبْدِ فِي مَالِهِ وَتَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ لَا فِي تَصَرُّفِ الْمَوْلَى وَعَدَمِهِ فَلَا يَرِدُ نَقْضًا. وَالثَّانِي وَهُوَ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَبْسُوطِ إنَّمَا مَلَكَ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْحُرِّيَّةِ فِي ذِمَّتِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَالِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ دَيْنَهُ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ وَلِيٌّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ وَهُوَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّ الْأَبِ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ الْقَاضِي أَوْ وَصِيُّ الْقَاضِي وَأَمَّا مَا عَدَا الْأُصُولَ مِنْ الْعَصَبَةِ كَالْعَمِّ، وَالْأَخِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَوَصِيِّهِمْ وَصَاحِبِ الشُّرْطَةِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُمْ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفُوا فِي مَالِهِ تِجَارَةً فَكَذَا لَا يَمْلِكُونَ الْإِذْنَ لَهُ فِيهَا، وَالْأَوَّلُونَ يَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ فَكَذَا يَمْلِكُونَ الْإِذْنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَكَذَا لِلصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ تِجَارَةٌ مَعْنًى.

وَلَيْسَ لِابْنِ الْمَعْتُوهِ أَنْ يَأْذَنَ لِأَبِيهِ الْمَعْتُوه وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ الِابْنُ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لِلْقَرِيبِ لَا تَثْبُتُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ كَامِلَ الرَّأْيِ وَوَصِيُّهُمَا قَائِمٌ مَقَامَهُمَا فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِهِمَا فَيَمْلِكُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ، وَالْمَعْتُوهِ الَّذِي بَلَغَ مَعْتُوهًا، وَإِذَا بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ عَتِهَ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ لَهُ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَصِحُّ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ وَلَهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَا وَلَا يُزَوِّجَا مَمَالِيكَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا الْمَوْلَى بِالتَّزْوِيجِ أَوْ بِتَزْوِيجِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَمْلِكُ ذَلِكَ فَيَمْلِكُ تَفْوِيضَهُ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَمْلِكُ الْعَبْدُ أَيْضًا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ، وَالْمَعْتُوهَ الْمَأْذُونَ لَهُمَا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>