للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ قَالَ بِغَيْرِ وَاوٍ حَلَّتْ الذَّبِيحَةُ وَلَكِنْ يُكْرَهُ، وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ رَجُلَانِ ذَبَحَا صَيْدًا وَسَمَّى أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرُ التَّسْمِيَةَ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْيَنَابِيعِ وَلَوْ ذَبَحَ شَاةً فَسَمَّى، ثُمَّ ذَبَحَ أُخْرَى فَظَنَّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ الْأُولَى تَجْزِيهِ عَنْهَا لَمْ تُؤْكَلْ، وَفِي الْحَاوِي جَمَعَ الْعَصَافِيرَ فَذَبَحَ وَاحِدَةً وَسَمَّى وَذَبَحَ أُخْرَى عَلَى إثْرِهِ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ لَا تُؤْكَلُ وَلَوْ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَيْهِمْ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَذَبِيحَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ إنَّمَا تُؤْكَلُ إذَا أَتَى بِهَا مَذْبُوحَةً وَإِنْ ذَبَحَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَإِنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَكَذَا إذَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ سَمَّى بِسْمِ الْمَسِيحِ وَسَمِعَهُ مِنْهُ فَلَا يُؤْكَلْ، وَفِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ: مَنْ اشْتَرَى لَحْمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَقَالَ الْبَائِعُ: الذَّابِحُ مُسْلِمٌ لَا يُرَدُّ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ مَعَ الْكَرَاهِيَةِ وَفِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: ذِئْبٌ أَخَذَ حُلْقُومَ شَاةٍ وَأَوْدَاجَهَا فَذَبَحَهَا فَأَكَلَهَا إذَا كَانَتْ تَضْطَرِبُ إذَا سَمَّى تَحِلُّ وَلَوْ انْفَلَتَتْ الشَّاةُ، أَوْ الْبَقَرُ مِنْ يَدِهِ وَقَامَتْ مِنْ مَضْجَعِهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَضْجَعِهَا اكْتَفَى بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ ذَبَحَ الذَّابِحُ وَسَمَّى صَاحِبُ الْأُضْحِيَّةِ، أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ اهـ.

[كَيْفِيَّة الذَّبْح]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَالذَّبْحُ بَيْنَ الْحَلْقَةِ وَاللَّبَّةِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا بَأْسَ بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ كُلِّهِ وَأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «الذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ» وَلِأَنَّهُ مَجْمَعُ مَجْرَى النَّفَسِ وَمَجْرَى الطَّعَامِ وَمَجْرَى الْعُرُوقِ فَيَحْصُلُ بِقَطْعِهِ الْمَقْصُودُ عَلَى أَبْلَغِ الْوُجُوهِ وَهُوَ إنْهَارُ الدَّمِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ، أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ أَهَلَّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ ذَكَرَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ، وَفِي فَتَاوَى السَّمَرْقَنْدِيِّ وَنَقَلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ الرُّسْتُغْفَنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ شَاةً فَبَقِيَتْ عُقْدَةُ الْحُلْقُومِ مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَبْقَى غَيْرُ مَا يَلِي الرَّأْسَ أَيُؤْكَلُ أَمْ لَا؟ قَالَ: هَذَا قَوْلُ الْعَوَامّ مِنْ النَّاسِ وَلَيْسَ هَذَا بِمُعْتَبَرٍ وَيَجُوزُ أَكْلُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْعُقْدَةُ مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ، أَوْ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ قَالَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا قَطْعُ الْأَوْدَاجِ وَقَدْ وُجِدَ وَذَكَرَ أَنَّ شَيْخَهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَلَا الْمَرِيءِ وَأَصْحَابُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَإِنْ شَرَطُوا قَطْعَ الْأَكْثَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عُقْدَةٍ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُؤْكَلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ قَطَعَ الْأَعْلَى، أَوْ الْأَسْفَلَ ثُمَّ عَلِمَ بِهَا فَقَطَعَ مَرَّةً أُخْرَى الْحُلْقُومَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمُوتَ يُنْظَرُ فَإِنْ قُطِعَ بِتَمَامِهِ لَا يَحِلُّ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِالْأَوَّلِ أَسْرَعُ مِنْهُ بِالْقَطْعِ الثَّانِي، وَإِلَّا حَلَّ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: قَصَّابٌ ذَبَحَ شَاةً فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَقَطَعَ أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ، أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ يَحْرُمُ أَكْلُهَا اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَالْمَذْبَحُ الْمَرِيءُ وَالْحُلْقُومُ وَالْوَدَجَانِ) لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «أَفْرِ الْأَوْدَاجَ بِمَا شِئْت» وَهِيَ عُرُوقُ الْحَلْقِ فِي الْمَذْبَحِ وَالْمَرِيءُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْحُلْقُومُ مَجْرَى النَّفَسِ وَالْمُرَادُ بِالْأَوْدَاجِ كُلُّهَا وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِقَطْعِهِنَّ وَهُوَ إزْهَاقُ الرُّوحِ، وَإِخْرَاجُ الدَّمِ لِأَنَّهُ بِقَطْعِ الْمَرِيءِ وَالْحُلْقُومِ يَحْصُلُ الْإِزْهَاقُ وَبِقَطْعِ الْوَدَجَيْنِ يَحْصُلُ إنْهَارُ الدَّمِ وَلَوْ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ وَهِيَ الْعُرُوقُ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الْمَرِيءِ وَالْحُلْقُومِ لَا يَمُوتُ فَضْلًا عَنْ التَّوَجُّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهِمَا لِيَحْصُلَ التَّوَجُّهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا لِيَحْصُلَ إنْهَارُ الدَّمِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالْمَرِيءُ وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ وَالْوَدَجَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَالْحُلْقُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَلَوْ خَرَّ عُنُقُ شَاةٍ بِسَيْفٍ مِنْ قِبَلِ الْأَوْدَاجِ وَسَمَّى يَحِلُّ لِأَنَّهُ أَتَى بِالذَّكَاةِ وَزِيَادَةٍ وَقَدْ أَسَاءَ لِأَنَّهُ جَاوَزَ النَّخَاعَ اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَقَطْعُ الثَّلَاثِ كَافٍ) وَالِاكْتِفَاءُ بِالثَّلَاثِ مُطْلَقًا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْأَكْثَرِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِقَطْعِ الْأَكْثَرِ مِنْ هَذِهِ الْعُرُوقِ الْأَرْبَعَةِ فَأَمَّا الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ فَمُخَالِفَانِ لِلْأَوْدَاجِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَالِفٌ لِلْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهِمْ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْأَكْثَرُ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ، وَفِي التَّتِمَّةِ سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ انْتِزَاعِ السَّبُعِ رَأْسَ الشَّاةِ وَفِيهَا حَيَاةٌ هَلْ تَحِلُّ بِالذَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَحَرَّكُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَلَوْ بِظُفُرٍ وَقَرْنٍ وَعَظْمٍ وَسِنٍّ مَنْزُوعٍ وَلِيطَةٍ وَمَرْوَةِ وَمَا أَنْهَرَ الدَّمَ إلَّا سِنًّا وَظُفُرًا قَائِمَيْنِ) يَعْنِي يَكْفِي فِي الْحِلِّ بِمَا ذُكِرَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَأَفْرَى الْأَوْدَاجَ» وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْرِ الْأَوْدَاجَ بِمَا شِئْتَ» وَمَا رُوِيَ مِنْ الْمَنْعِ فِي الظُّفُرِ وَالسِّنِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ فَإِنَّ الْحَبَشَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إظْهَارًا لِلْجَلَدِ وَالْمَشْرُوعُ آلَةٌ جَارِحَةٌ فَيَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ وَهُوَ إنْهَارُ الدَّمِ، وَاللِّيطَةُ الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ، وَالْمَرْوَةُ الْحَجَرُ الَّذِي لَهُ حَدٌّ وَالدَّلِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>