للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَيَّدِ وَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ الْمُطْلَقِ وَانْتِفَاءُ الْمُقَيَّدِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمُطْلَقِ كَمَا لَا يَخْفَى فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرَ أَنْ يَكُونَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ، وَأَمَّا تَحَقُّقُ الْمُقَيَّدِ فَيَسْتَلْزِمُ تَحَقُّقَ الْمُطْلَقِ فِي ضِمْنِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: الْوَطْءُ الْمُقَيَّدُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَكَّبَ بَعْدَ الْمُفْرَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُطْلَقِ وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ، وَأَيْضًا لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ " فَلِهَذَا عَنَوْا بِهِ الْوَطْءَ " لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَسِّ إذَا كَانَ نَهْيًا عَنْ الْوَطْءِ وَكَانَ الْعُنْوَانُ بِالْمَسِّ عُنْوَانًا بِالْوَطْءِ أَيْضًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْنُوا الْفَصْلَ السَّابِقَ بِالْوَطْءِ اسْتِقْلَالًا كَمَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ الْوَطْءِ اسْتِقْلَالًا ثُمَّ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْوَطْءِ الْمُطْلَقِ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَزْلِ الْمَذْكُورَ قُبَيْلَ فَصْلِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّ الْعَزْلَ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ فَإِذَا قَرُبَ الْإِنْزَالُ فَيُنْزِلُ خَارِجَ الْفَرْجِ، وَإِنَّ مُرَادَهُمْ بِالْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ هَهُنَا مَا قُيِّدَ بِزَمَانِ الْوَطْءِ فَإِنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ وَفِي الْعَزْلِ مُطْلَقٌ عَنْهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ فِي عُنْوَانِ الْفَصْلِ السَّابِقِ أَيْضًا مَا فِي ضِمْنِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ فِي صَدْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ

[فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ]

(فُرُوعٌ) تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ لَا تُصَلِّي يُطَلِّقُهَا حَتَّى لَا يَصْحَبَ امْرَأَةً لَا تُصَلِّي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُعْطِي مَهْرَهَا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَبِيرُ صَاحِبُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: لَأَنْ أَلْقَى اللَّهَ - وَمَهْرُهَا فِي عُنُقِي - أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ امْرَأَةً لَا تُصَلِّي.

غَمْزُ الْأَعْضَاءِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مَكْرُوهٌ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يُبَاحُ ذَلِكَ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَدُونَ الرُّكْبَةِ وَيُبَاحُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَغْسِلَ الْخَادِمُ لِحْيَتَهُ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ صَاحِبِ اللِّحْيَةِ وَلَا يَغْمِزُ رِجْلَهُ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةً بِالْخَادِمِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ إلَى السَّارِقِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخْذَ وَيَمَسَّهُ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ رِجْلَ وَالِدَيْهِ، وَلَا يَغْمِزُ فَخْذَ وَالِدَيْهِ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَغْمِزَ الْأَجْنَبِيَّةَ الرَّجُلُ فَوْقَ الثِّيَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَوْفُ الْفِتْنَةِ وَفِي التَّتِمَّةِ وَسُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَمَّنْ لَهُ أُمٌّ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْمِزَ بَطْنَهَا وَظَهْرَهَا مِنْ وَرَاءَ الثِّيَابِ قَالَ إنْ أَمْسَكَهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ كَالْخَمْرِ يُمْسِكُهُ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ لَا يُكْرَهُ، وَإِنْ أَمْسَكَ يَعْتَقِدُ الْإِبَاحَةَ كَمَا لَوْ أَمْسَكَ لِلْكَافِرِ يُكْرَهُ.

سُئِلَ أَنَسُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ قَوْمٍ أَرَادُوا الْخُرُوجَ عَلَى سُلْطَانِهِمْ لِجَوْرِهِ هَلْ يَحِلُّ لَهُمْ ذَلِكَ فَأَجَابَ وَقَالَ: إنْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا - وَكَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ - يَسَعُهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُمْ ذَلِكَ وَسُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَهُوَ أَفْضَلُ لِلْفَقِيهِ أَمْ دِرَاسَةُ الْفِقْهِ قَالَ: حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي مُطِيعٍ أَنَّهُ قَالَ النَّظَرُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ أَنَّهُ قَالَ طَلَبُ الْأَحَادِيثِ حِرْفَةُ الْمَفَالِيسِ يَعْنِي بِهِ إذَا طَلَبَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَطْلُبْ فِقْهًا وَفِي النَّسَفِيَّةِ اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَوْمًا مِنْ الْأَتْرَاكِ وَالْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِي مَوْضِعِ الْفَسَادِ فَنَهَاهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَلَمْ يَنْزَجِرُوا فَاسْتَدْعَى الْمُحْتَسِبَ وَقَوْمًا مِنْ بَابِ السَّيِّدِ الْإِمَامِ الْأَجَلِّ لِيَعْرِفُوهُمْ وَلِيُرِيقُوا خُمُورَهُمْ فَذَهَبُوا مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَظَفِرُوا بِبَعْضِ الْخُمُورِ فَأَرَاقُوهَا وَجَعَلُوا الْمِلْحَ فِي بَعْضِ الدِّنَانِ لِلتَّخَلُّلِ فَأُخْبِرَ الشَّيْخُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَا تَدَعُوا وَاكْسِرُوا الدِّنَانَ كُلَّهَا، وَأَرِيقُوا مَا بَقِيَ وَإِنْ جَعَلُوا الْمِلْحَ فِيهَا قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مَنْ أَرَاقَ خُمُورَ الْمُسْلِمِينَ وَكَسَرَ دِنَانَهُمْ وَشَقَّ زِقَاقَهُمْ إذَا ظَهَرَ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ اشْتَرَوْا دَارًا وَبُسْتَانًا مِنْ دُورِ الْمُسْلِمِينَ فِي مِصْرَ وَاتَّخَذُوهَا مَقْبَرَةً هَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا فَيَفْعَلُونَ مَا شَاءُوا كَالْمُسْلِمِينَ.

وَقَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَوْ رَفَعَ بِنَاءً فَمَنَعَ جَارَهُ الشَّمْسَ أَوْ الرِّيحَ أَوْ نَقَبَ جِدَارَهُ أَوْ فَتَحَ أَبْوَابًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَحِقَ جَارَهُ نَوْعُ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ إلَّا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَسُئِلَ عَنْ دَارَيْنِ لِرَجُلَيْنِ؛ سَطْحُ أَحَدِهِمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ وَمَسِيلُ مَاءِ الْعُلْيَا عَلَى الْأُخْرَى فَأَرَادَ صَاحِبُ سَطْحِ السُّفْلَى أَنْ يَرْفَعَ سَطْحَهُ أَوْ يَبْنِيَ عَلَى سَطْحِهِ عُلُوًّا هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَفِي التَّتِمَّةِ سَأَلْت أَبَا حَامِدٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ضَيْعَةٌ أَرْضُهَا مُرْتَفِعَةٌ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسُدَّ النَّهْرَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ بِغَيْرِ رِضَا الْأَسَافِلِ حَتَّى يَسْقِيَهَا قَالَ نَعَمْ.

وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَبْنِي عَلَى حَائِطِ نَفْسِهِ بِنَاءً أَزْيَدَ مِمَّا كَانَ هَلْ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ قَالَ لَا وَإِنْ بَلَغَ عَنَانَ السَّمَاءِ وَسُئِلَ أَبُو الْفَضْلِ عَمَّنْ يَأْخُذُ خَرَاجَ الْقَرْيَةِ عَنْ حَفْرِ النَّهْرِ الْعَظِيمِ فَيَحْفِرُونَهُ بِأَمْسِحَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصْرِفَ شَيْئًا مِنْ الْخَرَاجِ إلَى الْحَفْرِ وَهُنَاكَ مِنْ الْأَقْوِيَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>