للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاحْتِقَانُ بِالْخَمْرِ وَإِقْطَارُهُ فِي الْإِحْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالنَّجِسِ الْمُحَرَّمِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ بِهِ طَبِيبٌ حَاذِقٌ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ سَقَى شَاةً خَمْرًا لَا يُكْرَهُ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي مَعِدَتِهَا فَلَمْ يَخْتَلِطْ بِلَحْمِهَا وَإِنْ اسْتَحَالَتْ الْخَمْرُ لَحْمًا فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ اسْتَحَالَتْ خَلًّا إلَّا إذَا سَقَاهَا كَثِيرًا بِحَيْثُ يُؤَثِّرُ فِي رَائِحَتِهَا الْخَمْرُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَحْمُهَا.

(فَصْلٌ)

فِي طَبْخِ الْعَصِيرِ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا ذَهَبَ بِغَلَيَانِهِ بِالنَّارِ وَقَذْفِهِ بِالزَّبَدِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ فَيَحِلَّ الثُّلُثُ الْبَاقِي بَعْدَهُ وَلَوْ صُبَّ فِيهِ الْمَاءُ قَبْلَ الطَّبْخِ ثُمَّ طُبِخَ بِمَاءٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَاءُ أَسْرَعَ ذَهَابًا لِلَطَافَتِهِ وَلِرِقَّتِهِ يُعْتَبَرُ ذَهَابُ ثُلُثَيْهِ بَعْدَ الْمَاءِ الَّذِي صُبَّ فِيهِ كُلِّهِ وَبَعْدَ ذَهَابِ الزَّبَدِ فَيَحِلُّ الثُّلُثُ الْبَاقِي مِنْ الْعَصِيرِ وَإِنْ كَانَا يَذْهَبَانِ مَعًا فَيُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا الْجَمِيعِ بَعْدَ ذَهَابِ الزَّبَدِ فَيَحِلَّ ثُلُثُ الْبَاقِي لِذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ وَبَقَاءِ الثُّلُثِ مَاءً وَعَصِيرًا وَلَوْ طَبَخَ الْعَصِيرَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ أَهْرَقَ الثُّلُثَيْنِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ مَاءً وَعَصِيرًا وَلَوْ طَبَخَ الْعَصِيرَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ أَهْرَقَ بَعْضَهُ لَا يَحِلُّ الْبَاقِي حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ يُؤْخَذَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ فَيُضْرَبَ بِهِ فِي الْبَاقِي ثُمَّ يُقْسَمَ الْخَارِجُ عَلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَهَابِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالطَّبْخِ قَبْلَ أَنْ يَنْصَبَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَمَا أَصَابَ الْوَاحِدَ بِالْقِسْمَةِ فَذَاكَ الْقَدْرُ هُوَ الْحَلَالُ وَيُطْبَخَ الْبَاقِي إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُهُ فَيَحِلَّ.

مِثَالُهُ اثْنَا عَشَرَ رِطْلًا مِنْ الْعَصِيرِ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ ثُمَّ أَهْرَقَ رَطْلَيْنِ يُؤْخَذُ ثُلُثُ الْعَصِيرِ كُلُّهُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَيُضْرَبُ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الِانْصِبَابِ وَهُوَ سِتَّةٌ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَيَقْسِمُهُ عَلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَهَابِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِالطَّبْخِ قَبْلَ أَنْ يُهْرَقَ مِنْهُ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَيُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْقَدْرُ هُوَ الْحَلَالَ فَيُطْبَخُ الْبَاقِي إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُهُ فَيَحِلَّ وَإِنْ شِئْت قَسَمْت مَا ذَهَبَ بِالطَّبْخِ عَلَى الْمُنْصَبِّ وَعَلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ الِانْصِبَابِ فَمَا أَصَابَ الْمُنْصَبَّ يُجْعَلُ مَعَ الْمُنْصَبِّ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَكَانَ جَمِيعُ الْعَصِيرِ هُوَ الْبَاقِيَ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ الذَّاهِبِ بِالطَّبْخِ فَقَدْ ذَهَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ فَيُطْبَخُ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: إنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الطَّبْخِ قَبْلَ الِانْصِبَابِ بَعْضُهُ حَلَالٌ وَهُوَ قَدْرُ ثُلُثِ الْمَجْمُوعِ فَإِذَا أُهْرِيقَ بَعْضُهُ أُهْرِيقَ مِنْ الْحَلَالِ بِحِسَابِهِ فَيُطْبَخُ الْبَاقِي حَتَّى يَبْقَى قَدْرُ مَا فِيهِ مِنْ الْحَلَالِ وَفِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ طَبَخَ ثُمَّ أَلْقَى فِيهِ تَمْرًا فَغَلَى قَالَ مَا أُلْقِيَ فِيهِ لَوْ نَبَذَهُ عَلَى حِدَةٍ كَانَ مِنْهُ نَبِيذًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَطْبُوخٌ وَيُعْتَبَرُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُنْتَبَذُ مِنْهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِيهِ الشَّارِبُ لِانْفِرَادِهِ وَلَوْ صُبَّ قَدَحٌ فِي خَابِيَةِ مَطْبُوخٍ أَفْسَدَهُ وَعَنْ الْإِمَامِ إذَا وُضِعَ فِي الشَّمْسِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ طَبْخِهِ بِالنَّارِ وَكَذَا إذَا مَلَأَ الْخَابِيَةَ بِالْخَرْدَلِ وَخَلَطَ فِيهَا الْعَصِيرَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَلَمْ يَشْتَدَّ وَلَمْ يُسْكِرْ فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَلَوْ طَبَخَ عَصِيرًا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى بَرَدَ ثُمَّ أَعَادَ الطَّبْخَ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُ مَا بَقِيَ فَإِذَا أَعَادَ الطَّبْخَ قَبْلَ أَنْ يَغْلِيَ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالَةِ الْعَصِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ وُجِدَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِالْغَلَيَانِ وَالشِّدَّةِ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ أَنْ غَلَى وَتَغَيَّرَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ طَبْخَهُ وُجِدَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ اهـ.

[كِتَابُ الصَّيْدِ]

قَالَ فِي الْعِنَايَةِ مُنَاسَبَةُ كِتَابِ الصَّيْدِ بِكِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالصَّيْدِ يُوَرِّثُ السُّرُورَ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْأَشْرِبَةَ لِحُرْمَتِهَا اعْتِبَارًا بِالِاحْتِرَازِ عَنْهَا اهـ.

قَالَ فِي الْمُحِيطِ: يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ إبَاحَةِ الصَّيْدِ وَتَفْسِيرِهِ لُغَةً وَشَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِ إبَاحَتِهِ وَدَلِيلِهَا وَحُكْمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ.

أَمَّا دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ مِنْ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] ، وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ لُغَةً فَالصَّيْدُ هُوَ الِاصْطِيَادُ وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُصَادُ مَجَازًا إطْلَاقًا لِاسْمِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُتَوَحِّشُ الْمُمْتَنِعُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ عَنْ الْآدَمِيِّ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ عِنْدِ الْفُقَهَاءِ الْإِرْسَالُ بِشُرُوطِهِ لِأَخْذِ مَا هُوَ مُبَاحٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمُتَوَحِّشِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ الْآدَمِيِّ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ عَلَى الْأَخْذِ بِشُرُوطِهِ وَأَمَّا شَرْطُهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالصَّيْدِ فَكَوْنُ الصَّيْدِ غَيْرَ آمِنٍ بِالْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ، وَغَيْرَ مَمْلُوكٍ، وَأَمَّا حُكْمُهُ فَصَيْرُورَةُ الْمَأْخُوذِ مِلْكًا لِلْآخِذِ قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - (هُوَ الِاصْطِيَادُ) قَالَ الشَّارِحُ أَيْ الصَّيْدُ هُوَ الِاصْطِيَادُ فِي اللُّغَةِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُذْكَرَ فِي الْمَتْنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهَا.

[الصَّيْد بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ]

قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَيَحِلُّ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ) يَعْنِي يَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْجَوَارِحِ كَالشَّاهِينِ وَالْبَاشِقِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَكُلُّ شَيْءٍ عَلَّمْتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>