للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَصَائِصِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

وَفِي السِّغْنَاقِيِّ، وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطِهِ شَيْئًا فَوَقَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَهُوَ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِيمَا يُحْدِثُهُ فِي مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا أَوْ غَيْرَ مَائِلٍ وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى حَائِطًا مَائِلًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَثْلَاثًا تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ فِيهِ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ وَقَتَلَهُ صَرْعًا فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حِمَارٍ حَمَلَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ وَحَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَمَاتَ الْحِمَارُ مِنْ ذَلِكَ تَجِبُ الْقِيمَةُ أَثْلَاثًا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخَذَ بِنَفَسِ إنْسَانٍ وَأَخَذَ آخَرُ بِنَفَسِهِ الْآخَرِ فَمَاتَ الْمَأْخُوذُ مِنْ ذَلِكَ وَهُنَاكَ يَجِبُ الضَّمَانُ كَذَا هُنَا هَذَا إذَا وَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى حُرٍّ وَلَوْ وَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى عَبْدٍ إنْ قَتَلَهُ غَمًّا، فَإِنَّ قِيمَتَهُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا.

وَإِنْ جَرَحْته الْحَائِطُ وَمَاتَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَالْجِرَاحَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا وَالنَّفْسُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ جَرَحَهُ الْحَائِطُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْغَمِّ وَالْجِرَاحَةِ، فَإِنَّ الْجِرَاحَةَ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّفْسِ وَهُوَ حِصَّةُ الْغَمِّ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا أَيْضًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَهُوَ حِصَّةُ الْجِرَاحَةِ بَيْنهمَا نِصْفَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لِرَجُلَيْنِ أَشْهَدَ عَلَيْهِمَا وَحَائِطٍ مَائِلٍ لِرَجُلٍ أَشْهَدَ عَلَيْهِ سَقَطَا عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَاهُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْحَائِطُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى رَجُلَيْنِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فَسَقَطَا عَلَى الرَّجُلَيْنِ فَمَاتَا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ مَاتَ مِنْ جُرْحٍ جَرَحَهُ الْحَائِطُ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ثِقَلِهِمَا فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فَأَمَّا إذَا وَضَعَ فِي مِلْكِهِ عَرَضًا حَتَّى خَرَجَ طَرَفُهُ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ إنْ سَقَطَ فَأَصَابَ الطَّرَفَ الْخَارِجَ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.

وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي إخْرَاجِ الْمِيزَابِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا وَكَانَ مُمْكِنٌ وَضْعَ الْجِذْعِ عَلَيْهِ طُولًا حَتَّى لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ سَقَطَ ذَلِكَ الْجِذْعُ عَلَى إنْسَانٍ وَمَاتَ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ إطْلَاقًا وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ هَذَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ مَيْلًا يَسِيرًا غَيْرَ فَاحِشٍ فَأَمَّا إذَا مَالَ مَيْلًا فَاحِشًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَيَلَانَ إذَا كَانَ غَيْرَ فَاحِشٍ بِحَيْثُ يُوجَدُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَقْتَ الْبِنَاءِ يَكُونُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَيَلَانٍ يَكُونُ لَهُ إلَى الطَّرِيقِ فَأَمَّا إذَا كَانَا مَيْلًا فَاحِشًا بِحَيْثُ يُحْتَرَزُ مِنْهُ عِنْدَ الْبِنَاءِ فِي الْأَصْلِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا سَقَطَ ذَلِكَ عَلَى إنْسَانٍ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ بِالرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى وَضَعَ الْجِذْعَ طُولًا عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ شَغَلَ الْهَوَاءَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَلَوْ شَغَلَ هَوَاءَ الطَّرِيقِ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ أَخْرَجَ الْجِذْعَ عَنْ الْحَائِطِ فَسَقَطَ فَأَصَابَ إنْسَانًا كَذَا هَذَا.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْجَوَابُ فِيهِ كَمَا أَطْلَقَهُ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي الْحَائِطِ ثُمَّ سَقَطَ الْجِذْعُ فَأَصَابَ إنْسَانًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ]

(بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ) لَمَّا فَرَغَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ شَرَعَ فِي بَيَانِ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَلَا شَكَّ فِي تَقَدُّمِ جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْبَهِيمَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ بَيَانِ جِنَايَةِ الْإِنْسَانِ مُطْلَقًا بَلْ بَقِيَ مِنْهَا جِنَايَةُ الْمَمْلُوكِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْإِنْسَانِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ضَمِنَ الرَّاكِبُ مَا أَوْطَأَتْ دَابَّتُهُ بِيَدٍ وَرِجْلٍ أَوْ رَأْسٍ أَوْ كَدَمَتْ أَوْ خَبَطَتْ أَوْ صَدَمَتْ لَا مَا نَفَحَتْ بِرِجْلٍ أَوْ ذَنَبٍ إلَّا إذَا أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُرُورَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ كُلِّ النَّاسِ إذْ الْإِبَاحَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالسَّلَامَةِ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْ الْإِيطَاءِ وَالْكَدْمِ وَالصَّدْمِ وَالْخَبْطِ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ السَّيْرِ وَقَيَّدْنَاهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَفِي الْعَيْنِيِّ عَلَى الْهِدَايَةِ الْكَدْمُ بِمُقَدَّمِ الْإِنْسَانِ وَالْخَبْطُ بِالْيَدِ وَالصَّدْمُ هُوَ أَنْ تَطْلُبَ الشَّيْءَ بِجَسَدِك، وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ النَّفْحَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْإِيقَافِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا إذَا أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ أَطْلَقَ فِيمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا فِي الْإِيطَاءِ وَهُوَ رَاكِبُهَا؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْهُ مُبَاشَرَةً حَتَّى يُحْرَمَ بِهِ عَنْ الْمِيرَاثِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِشَرْطِ التَّعَدِّي فَصَارَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَفِي الْمُبَاشَرَةِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ تَسَبَّبَ فِيهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>