للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ دَارِهِ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى مِنْ سَطْحِ دَارِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الصَّحْرَاءِ وَبَيْنَهُمَا قَدْرُ صَفَّيْنِ فَصَاعِدًا لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَدُونَهُ يَصِحُّ وَصَحَّحَ أَنَّ النَّهْرَ الْعَظِيمَ مَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ

وَفِي الْمُجْتَبَى وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَلَا تَصِحُّ فِي دَارِ الضِّيَافَةِ إلَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ اهـ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ مِنْ صَحْنِ الْخَانْقَاهْ الشَّيْخُونِيَّةِ بِالْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ؛ لِأَنَّ الصَّحْنَ فِنَاءُ الْمَسْجِدِ، وَكَذَا اقْتِدَاءُ مَنْ بِالْخَلَاوِي السُّفْلِيَّةِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ أَبْوَابَهَا فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَشْتَبِهْ حَالُ الْإِمَامِ، وَأَمَّا اقْتِدَاءُ مَنْ بِالْخَلَاوِي الْعُلْوِيَّةِ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى الْخَلْوَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فَوْقَ الْإِيوَانِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ أَبْوَابَهَا خَارِجَةٌ عَنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ اشْتَبَهَ حَالُ الْإِمَامِ أَوْ لَا كَالْمُقْتَدِي مِنْ سَطْحِ دَارِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ.

(قَوْلُهُ لَا اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ) أَيْ لَا يَفْسُدُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهَا فَذَهَبَ مُحَمَّدٌ إلَى فَسَادِهِ، وَذَهَبَا إلَى صِحَّتِهِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخَلْفِيَّةَ هَلْ هِيَ بَيْنَ الْآلَتَيْنِ وَهُمَا الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَبِهِ قَالَا أَوْ بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ فَعِنْدَهُ هُوَ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَعِنْدَهُمَا الطَّهَارَتَانِ سَوَاءٌ وَتَمَامُهُ فِي الْأُصُولِ وَتَرَجَّحَ الْمَذْهَبُ بِفِعْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حِينَ صَلَّى بِقَوْمِهِ بِالتَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَهُمْ مُتَوَضِّئُونَ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْإِعَادَةِ حِينَ عَلِمَ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مَعَ الْمُتَوَضِّئِينَ مَاءٌ أَوْ لَا لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَ الْمُتَوَضِّئِينَ مَاءٌ أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ، وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ يُبْتَنَى عَلَى فَرْعٍ إذَا رَأَى الْمُتَوَضِّئُ الْمُقْتَدِي بِمُتَيَمِّمٍ مَاءً فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِوُجُودِ الْمَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ عِنْدَهُمْ إذَا ظَنَّ عِلْمَ إمَامِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ بِذَلِكَ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ جِهَةَ الْإِطْلَاقِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ تَوَقُّتِهَا وَجِهَةَ الضَّرُورَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَصِيرَ إلَيْهَا ضَرُورَةُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ فَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ جِهَةَ الضَّرُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ احْتِيَاطًا وَجِهَةَ الْإِطْلَاقِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ احْتِيَاطًا وَهُمَا اعْتَبَرَا جِهَةَ الْإِطْلَاقِ هُنَا لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَجِهَةَ الضَّرُورَةِ فِي الرَّجْعَةِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِيهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ جَوَازُ إمَامَةِ مَنْ تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَتَيَمُّمِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَدَى مِنْ سَطْحِ دَارِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَ سَطْحِ دَارِهِ كَثِيرُ التَّخَلُّلِ فَصَارَ الْمَكَانُ مُخْتَلِفًا أَمَّا فِي الْبَيْتِ مَعَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَتَخَلَّلْ إلَّا الْحَائِطُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ كَذَا فِي الدُّرَرِ إذْ لَا فَاصِلَ مِنْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ أَوْ نَهْرٍ كَبِيرٍ كَذَا فِي شَرْحِ الدُّرَرِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ قَالَ فِي الشرنبلالية هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْحَدَثِ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ السَّطْحَ لَا يَحْصُلُ بِهِ اخْتِلَافُ الْمَكَانِ فَلَا يُعَدُّ فَاصِلًا كَمَا لَوْ اقْتَدَى عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ بَيْتِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ حَائِطٌ وَلَمْ يَحْصُلْ اشْتِبَاهٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَكَانِ مَانِعٌ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَبِهْ لَا يَمْنَعُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوُصُولِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا الْفَاصِلُ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ فَضَاءٍ فَإِنَّهُ مَانِعٌ وَلَوْ لَمْ يَشْتَبِهْ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الْفَرْقِ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ أَنَّ النَّهْرَ الْعَظِيمَ مَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَذَكَرَ كَثِيرٌ فِي الطَّرِيقِ أَنَّهُ مَا تَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا اقْتِدَاءُ مَنْ بِالْخَلَاوِي الْعُلْوِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي الشرنبلالية تَفْرِيعٌ عَلَى غَيْرِ الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِمَا قَالَهُ فِي الْبُرْهَانِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ كَبِيرٌ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ مِنْهُ إلَى الْإِمَامِ وَلَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ حَالُهُ عَلَيْهِ بِسَمَاعٍ أَوْ رُؤْيَةٍ لِانْتِقَالَاتِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ فِي الصَّحِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ اهـ.

وَعَلَى الصَّحِيحِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْمَحَالِّ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْوَابُهَا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا فِي الضِّيَاءِ الْمَعْنَوِيِّ شَرْحِ مُقَدِّمَةِ الْغَزْنَوِيِّ وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ حَالُ الْإِمَامِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ لَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ حَالُ الْإِمَامِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ اهـ.

وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ؛ لِأَنَّ لِسَطْحِ الْمَسْجِدِ حُكْمَ الْمَسْجِدِ فَكَانَ الْكُلُّ كَبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ سَطْحِ دَارِهِ تَأَمَّلْ

[اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَكِنْ عَلَّلَ الشَّارِحُ الْبُطْلَانَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ بِأَنَّ إمَامَهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَاءِ بِإِخْبَارِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَسَادِ هُنَا هُوَ فَسَادُ الْوَصْفِ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْمُتَوَضِّئُ خَلْفَ الْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ أَوْ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ فَائِتَةٌ لَا يَذْكُرُهَا أَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَالْمُقْتَدِي يَعْلَمُ فَقَهْقَهَ الْمُقْتَدِي كَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْوُضُوءِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى مَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَنْ يَبْطُلَ الْأَصْلُ أَيْضًا إذْ الْفَسَادُ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَهُوَ الطَّهَارَةُ فَتَأَمَّلْ. اهـ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>