للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَازِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ بِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ اقْتِدَاءَ الْمُتَنَفِّلِ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ، وَفِي اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ فِي الْوِتْرِ بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ فِي شَفْعِ التَّرْوِيحَةِ، ثُمَّ أَمَّهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّفْعِ جَازَ، وَكَذَا إذَا اقْتَدَى فِي سُنَّةِ الْعِشَاءِ بِمَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ أَوْ فِي السُّنَّةِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَنْ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ صَحَّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ فَالْمُرَادُ بِالْإِعَادَةِ الْإِتْيَانُ بِالْفَرْضِ لَا الْإِعَادَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ الْجَابِرَةُ لِلنَّقْصِ فِي الْمُؤَدَّى فَلَوْ قَالَ بَطَلَتْ لَكَانَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِنَاءٌ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْمَعْدُومِ مُحَالٌ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ أَنَّ الْإِمَامَ عَدِمَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ أَخْبَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ شَهْرًا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ لَا يَلْزَمُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِكُفْرِهِ، وَقَوْلُ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ فَكَيْفَ قَوْلُ الْكَافِرِ اهـ.

وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ إذَا صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ عَمْدًا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُ فِي قَوْلٍ بِسُنِّيَّتِهَا، وَفِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَعَادَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعْلِمَ الْجَمَاعَةَ بِحَالِهِ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْإِمَام الْإِعْلَامُ إذَا كَانُوا قَوْمًا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ، وَفِي الْمُجْتَبَى، وَلَوْ أَمَّ قَوْمًا مُحْدِثٌ أَوْ جُنُبٌ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ بِلِسَانِهِ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ؛ لِأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ خَطَإٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ، وَعَنْ الْوَبَرِيِّ يُخْبِرُهُمْ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَنَظِيرُهُ إذَا رَأَى غَيْرَهُ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءٍ نَجِسٍ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ) أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا صَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ أَمَّ قَوْمًا مَعْذُورِينَ وَغَيْرَ مَعْذُورِينَ فَصَارَ كَمَا إذَا أَمَّ الْعَارِي عُرَاةً وَلَابِسِينَ وَلَهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْقَارِئِ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَأَمْثَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي. قَيَّدَ بِالِاقْتِدَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُصَلِّي الْأُمِّيُّ وَحْدَهُ وَالْقَارِئُ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ افْتَتَحَ الْأُمِّيُّ، ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ افْتِتَاحِ الْقَارِئِ فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا الْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ وَأَشَارَ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ إلَى صِحَّةِ شُرُوعِ الْقَارِئِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي فَرْضِ التَّحْرِيمَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا يُقَالُ لِمَ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُقْتَدِي إذَا أَفْسَدَ، وَقَدْ صَحَّ شُرُوعُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا

ــ

[منحة الخالق]

التَّرَاوِيحِ بِالْمُفْتَرِضِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ أَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ التَّعْيِينِ وَالْإِمَامُ غَيْرُ مُعَيِّنٍ لِلتَّرَاوِيحِ سَوَاءٌ كَانَ مُصَلِّيًا نَفْلًا أَوْ فَرْضًا فَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ التَّرَاوِيحِ مِنْ الْمُقْتَدِي، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ ضِمْنَ رِسَالَةٍ فَقَالَ فَصْلٌ إذَا صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ أَوْ وِتْرًا أَوْ نَافِلَةً غَيْرَ التَّرَاوِيحِ اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ بَنَى هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي النِّيَّةِ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ إنَّ التَّرَاوِيحَ لَا تَتَأَدَّى إلَّا بِنِيَّتِهَا فَلَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ الْإِمَامِ وَهِيَ بِخِلَافِ نِيَّتِهِ وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ إنَّهَا تَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هُنَا إنَّهُ يَصِحُّ وَالْأَصَحُّ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الْعِشَاءِ وَبَنَى عَلَيْهَا التَّرَاوِيحَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَهَذَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ.

ثُمَّ رَاجَعْت الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةَ فَوَجَدْت فِيهَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فَظَهَرَ أَنَّ فِي نُسْخَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ سَقْطًا وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَحْدَثَ ثُمَّ صَلَّى أَوْ أَخْبَرَ الْإِمَامُ عَنْ نَفْسِهِ وَكَانَ عَدْلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُدِبَ فَقَطْ كَذَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ بَطَلَتْ لَكَانَ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْبُطْلَانُ يُؤْذِنُ بِسَبْقِ الصِّحَّةِ. نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَا يُجْتَزَى بِمَا أَدَّاهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُحْدِثَ كَمَا عَرَفْت لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ قَالَ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ بِإِمَامِهِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ أَعَادَهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَخَلَّ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ وَالْعِبْرَةُ لِرَأْيِ الْمُقْتَدِي حَتَّى لَوْ رَأَى عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةً أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ وَاعْتَقَدَ الْمُقْتَدِي أَنَّهُ مَانِعٌ وَالْإِمَامُ خِلَافُهُ أَعَادَ وَفِي عَكْسِهِ وَالْإِمَامُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لَا يُعِيدُ، وَلَوْ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِذَا قَطْرَةٌ مِنْ دَمٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا مِنْ صَاحِبِهِ أَعَادَ الْمُقْتَدِي لِفَسَادِ صَلَاتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لِأَنَّهُ سَكَتَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ صَوَابُهُ لَا؛ لِأَنَّهُ سَكَتَ إلَخْ فَحَرْفُ النَّفْيِ سَاقِطٌ مِنْ خَطِّهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِي (يو) عَلِمَ الْإِمَامُ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ لَا يَسَعُهُ وَيَجِبُ الْعَمَلُ فِيهِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ (صبح) تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ (حك) لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ؛ لِأَنَّهُ مَا سَكَتَ عَنْ مَعْصِيَةٍ بَلْ خَطَأٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ قَالَ وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ جَوَابِ (يو صبح) وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَبُو يُوسُفَ وَسَوَاءٌ كَانَ فَسَادُ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَسَادَ صَلَاتِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِينَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَ الْإِمَامَ إخْبَارُهُمْ بِذَلِكَ أَصْلًا. اهـ. .

[اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ]

(قَوْلُهُ الْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>