للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

لَمَّا كَانَ سَبْقُ الْحَدَثِ عَارِضًا سَمَاوِيًّا وَالْمُفْسِدَاتُ عَارِضًا كَسْبِيًّا قَدَّمَ ذَاكَ وَأَخَّرَ هَذَا وَالْفَسَادُ وَالْبُطْلَانُ فِي الْعِبَادَاتِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ التَّكَلُّمُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «إنَّمَا هِيَ» وَمَا لَا يَصْلُحُ فِيهَا مُبَاشَرَتُهُ يُفْسِدُهَا مُطْلَقًا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمَكْرُوهُ غَيْرُ صَالِحٍ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ وَالْخَطَأَ وَالْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ أَوْ لَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ أَوْ لَا وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالتَّكَلُّمِ دُونَ الْكَلَامِ لِيَشْمَلَ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي الْمَجْمَعِ لِأَنَّ التَّكَلُّمَ هُوَ النُّطْقُ يُقَالُ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَتَكَلَّمَ كَلَامًا كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ وَسَوَاءٌ أَسْمَعَ غَيْرَهُ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ وَصَحَّحَ الْحُرُوفَ فَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ تَفْسُدُ وَحُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَدَمُهُ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ هَلْ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْمُحِيطِ النَّفْخُ الْمَسْمُوعُ الْمُهَجِّي مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ اسْمٌ لِحُرُوفٍ مَنْظُومَةٍ مَسْمُوعَةٍ مِنْ مَخْرَجِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْإِفْهَامَ بِهَذَا يَقَعُ وَأَدْنَى مَا يَقَعُ بِهِ انْتِظَامُ الْحُرُوفِ حَرْفَانِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ أَدْنَاهُ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَعِ أَمْرٌ أَوْ كَذَا ق فَإِنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِهِمَا ظَاهِرٌ وَشَمِلَ الْكَلَامَ فِي النَّوْمِ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ

ــ

[منحة الخالق]

[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا]

(قَوْلُهُ وَالْفَسَادُ وَالْبُطْلَانُ فِي الْعِبَادَاتِ سَوَاءٌ) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا خُرُوجُ الْعِبَادَةِ عَنْ كَوْنِهَا عِبَادَةً بِسَبَبِ فَوَاتِ بَعْضِ الْفَرَائِضِ وَعَبَّرُوا عَمَّا يُفَوِّتُ الْوَصْفَ مَعَ بَقَاءِ الْفَرَائِضِ مِنْ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ بِالْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهَا فِي الْمَجْمَعِ) حَيْثُ قَالَ وَنُفْسِدُهَا بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ اهـ.

وَكَانَ النُّسْخَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِصَاحِبِ النَّهْرِ عَبَّرَ فِيهَا بِالْكَلَامِ بَدَلَ الْكَلِمَةِ فَقَالَ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجْمَعِ بِالْكَلَامِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّحْوِيُّ وَلَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ بِهِ اللُّغَوِيُّ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ اهـ

يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْكَلَامِ اللُّغَوِيَّ يَكُونُ شَامِلًا لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَيُسَاوِي تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّكَلُّمِ فَلَا يَكُونُ أَوْلَى لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَجْمَعِ عَلَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَدَّعِ الْأَوْلَوِيَّةَ بَلْ دَعْوَاهُ أَنَّ التَّكَلُّمَ شَامِلٌ لِلْكَثِيرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمَجْمَعِ مَفْهُومًا وَلِلْقَلِيلِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ مَنْطُوقًا وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِتَقْيِيدِهِ بِالنَّحْوِيِّ أَوْ اللُّغَوِيِّ فِي عِبَارَةِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَحْوِ ع وق

<<  <  ج: ص:  >  >>