للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ نُقِلَ أَنَّهَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ وَالْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ لَا مِنْ ذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ) أَيْ يُفْسِدُهَا أَمَّا الْأَنِينُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ آهٍ كَمَا فِي الْكَافِي وَالتَّأَوُّهُ هُوَ أَنْ يَقُولَ أَوَّهْ وَيُقَالُ أَوَّهَ الرَّجُلُ تَأْوِيهًا وَتَأَوَّهَ تَأَوُّهًا إذَا قَالَ أَوَّهْ وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَهِيَ كَلِمَةُ تَوَجُّعٍ وَرَجُلٌ أَوَّاهٌ كَثِيرُ التَّأَوُّهِ

وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ لُغَةً فَالْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةٌ فِي سَائِرِهَا ثُمَّ قَدْ تُمَدُّ وَقَدْ لَا تُمَدُّ مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ فَهَاتَانِ لُغَتَانِ وَلَا تُمَدُّ مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا فَهَاتَانِ أُخْرَيَانِ وَمَعَ سُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ فَهَذِهِ خَامِسَةٌ وَمَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً وَمَكْسُورَةً بِلَا هَاءٍ فَهَاتَانِ سَادِسَةٌ وَسَابِعَةٌ وأَوْ عَلَى مِثَالِ أَوْ الْعَاطِفَةِ فَهَذِهِ ثَامِنَةٌ وَتُمَدُّ لَكِنْ يَلِيهَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ وَمَكْسُورَةٌ بِلَا وَاوٍ فَهَاتَانِ تَاسِعَةٌ وَعَاشِرَةٌ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ أَوَّيَاهْ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَعَدَمِهِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الْمَشْدُودَةِ يَلِيهَا يَاءٌ مُثَنَّاهُ ثُمَّ أَلِفٌ ثُمَّ هَاءٌ سَاكِنَةٌ وَالثَّالِثَةَ عَشْرَةَ آوُوهُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْوَاوِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَةُ آهٍ أَنِينًا وَأَوْهِ تَأَوُّهًا اصْطِلَاحٌ اهـ.

يَعْنِي لَا لُغَةً لِأَنَّ مِنْ لُغَاتِ التَّأَوُّهِ آهٍ وَهِيَ الْعَاشِرَةُ وَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْبُكَاءِ فَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ بِهِ حُرُوفٌ وَقَوْلُهُ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ قَيْدٌ لِلثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ لَا مِنْ ذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ عَائِدٌ إلَى الْكُلِّ أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى زِيَادَةِ الْخُشُوعِ

وَلَوْ صَرَّحَ بِهِمَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى إظْهَارِهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ إنِّي مُصَابٌ وَالدَّلَالَةُ تَعْمَلُ عَمَلَ الصَّرِيحِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَرِيحٌ يُخَالِفُهَا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ قَوْلَهُ آهٍ لَا يُفْسِدُ فِي الْحَالَيْنِ وَأَوْهِ يُفْسِدُ وَقِيلَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْكَلِمَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى حَرْفَيْنِ وَهُمَا زَائِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا تُفْسِدُ، وَإِنْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ تُفْسِدُ وَحُرُوفُ الزَّوَائِدِ مَجْمُوعَةٌ فِي قَوْلِنَا أَمَانٌ وَتَسْهِيلٌ وَنَعْنِي بِالزَّوَائِدِ أَنَّ الْكَلِمَةَ لَوْ زِيدَ فِيهَا حَرْفٌ لَكَانَ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ لَا أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ زَوَائِدُ أَيْنَمَا وَقَعَتْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ

وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لَا يَقْوَى لِأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ فِي مُتَفَاهَمِهِمْ أَيْ أَهْلِ الْعُرْفِ يَتْبَعُ وُجُودَ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَإِفْهَامَ الْمَعْنَى وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي حُرُوفٍ كُلُّهَا زَوَائِدُ اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ الشَّارِحُونَ بِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ إنَّمَا يَجْعَلُ حُرُوفَ الزَّوَائِدِ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ إذَا قَلَّتْ لَا إذَا كَثُرَتْ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا وَجَعَلَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ أَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ فَلَا يُفْسِدُ عِنْدَ الْكُلِّ كَالْمَرِيضِ إذَا لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ مِنْ الْأَنِينِ وَالتَّأَوُّهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعُطَاسِ وَالْجُشَاءِ إذَا حَصَلَ بِهِمَا حُرُوفٌ قَيَّدَ بِالْأَنِينِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَعْطَفَ كَلْبًا أَوْ هِرَّةً أَوْ سَاقَ حِمَارًا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ صَوْتٌ لَا هِجَاءَ لَهُ وَقَيَّدَ بِارْتِفَاعِ بُكَائِهِ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ دَمْعُهُ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ فِي كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَالتَّأْفِيفُ كَالْأَنِينِ كَأُفْ وَتُفْ ثُمَّ أُفْ اسْمُ فِعْلٍ لِأَتَضَجَّر وَقِيلَ لِتَضَجَّرْت وَسَوَاءٌ أَرَادَ بِهِ تَنْقِيَةَ مَوْضِعِ سُجُودِهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ التَّأْفِيفَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَفْسُدُ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِعَدَمِهِ لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى الصَّحِيحُ أَنَّ خِلَافَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُخَفَّفِ وَفِي الْمُشَدَّدِ تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ وَيُعَارِضُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّ فِي الْحَرْفَيْنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَفِي أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ تَفْسُدُ وَفِي ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ

ــ

[منحة الخالق]

[الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ فِي الصَّلَاةِ]

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الصِّحَاحِ اُلْبُكَا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ فَإِذَا مَدَدْت أَرَدْت الصَّوْتَ الَّذِي مَعَ الْبُكَاءِ وَإِذَا قَصَرْت أَرَدْت الدُّمُوعَ وَخُرُوجَهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ آهٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْأَنِينُ هُوَ صَوْتُ الْمُتَوَجِّعِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَخَصَّهُ الْعَيْنِيُّ بِالْحَاصِلِ مِنْ قَوْلِهِ آهٍ وَقِيلَ هُوَ قَوْلُ آهْ اهـ.

وَهُوَ بِقَصْرِ الْهَمْزَةِ مَفْتُوحَةً كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ تَاجِ الشَّرِيعَةِ وَزَادَ أَنَّهُ تَوَجُّعُ الْعَجَمِ وَهُوَ عَلَى وَزْنِ دَعْ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعِنَايَةِ حَيْثُ جَعَلَهُ حَرْفَيْنِ فِي أَثْنَاءِ تَقْرِيرِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) أَقُولُ: كَانَ نُسْخَةُ الرَّمْلِيِّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ فَتَسْمِيَةُ آهٍ أَنِينًا وَأَوَّهْ تَأَوُّهًا اصْطِلَاحٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَفْظُ آهٍ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ صَوْتُ الْمُتَوَجِّعِ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيِّنٌ اهـ.

أَقُولُ: وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيِّنٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَفْظُ آهٍ لِأَنَّ مَا هُنَا مَمْدُودٌ وَمَا مَا مَرَّ مَقْصُورٌ كَمَا عَلِمْته مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ والشُّرُنبُلالِيَّة (قَوْلُهُ وَحُرُوفُ الزَّوَائِدِ مَجْمُوعَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَالَ الشَّيْخُ شَعْبَانُ فِي تَصْحِيحِ أَلْفِيَّةِ ابْنِ مُعْطِي أَنَّهَا جُمِعَتْ عِشْرِينَ جَمْعًا وَسَرَدَهَا لَكِنْ بَعْضُهَا مُؤَاخَذٌ فِيهِ وَلَمْ يَجْمَعْهَا أَحَد أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إلَّا ابْنَ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ حَيْثُ قَالَ

هَنَاءٌ وَتَسْلِيمٌ تَلَا يَوْمَ أُنْسِهِ ... نِهَايَةُ مَسْئُولٍ أَمَانٌ وَتَسْهِيلٌ

قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَلَا ثُلَاثِيٌّ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ وَإِذَا رُسِمَ بِهَا تَكَرَّرَ مَعْنَى وَضْعِ الْيَاءِ كَمَا تَكَرَّرَ مَعْنَى وَضْعِ لَفْظِ الْهَاءِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُؤْتِيَ بِهَا عَلَى لَفْظِ الْمُطَابَقَةِ لَفْظًا وَخَطًّا كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ سَأَلْتُمُونِيهَا أَوْ قَوْلِي أَسْهَلُ مَا تَنْوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>