للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ اهـ.

وَبِمَا فِيهَا انْدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الشَّارِحُونَ عَلَى الْهِدَايَةِ فِي قَوْلِهِ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي حُرُوفٍ كُلُّهَا زَوَائِدُ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبُ أَوْ أَصَابَهُ وَجَعٌ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَنِينِ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ

وَكَذَا لَوْ قَالَ يَا رَبِّ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ وَسْوَسَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ لِأَمْرِ الدُّنْيَا تَفْسُدُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ عَوَّذَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْحُمَّى وَنَحْوِهَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ اهـ بِخِلَافِ التَّعَوُّذِ لِدَفْعِ الْوَسْوَسَةِ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ

(قَوْلُهُ وَالتَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحْ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْعُذْرُ وَصْفٌ يَطْرَأُ عَلَى الْمُكَلَّفِ يُنَاسِبُ التَّسْهِيلَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ التَّنَحْنُحُ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ حُرُوفٌ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الْحَرْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَكِنْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَتَحْسِينِ صَوْتِهِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِيَهْتَدِيَ إمَامُهُ عِنْدَ خَطَئِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالظَّهِيرِيَّةِ اخْتِيَارُ الْفَسَادِ لَكِنْ الصَّحِيحُ عَدَمُهُ لِأَنَّ مَا لِلْقِرَاءَةِ مُلْحَقٌ بِهَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ بِلَا عُذْرٍ وَغَرَضٍ صَحِيحٍ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعُذْرَ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُضْطَرِّ إلَيْهِ قَيَّدْنَا بِأَنْ يَظْهَرَ لَهُ حُرُوفٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُهَا اتِّفَاقًا لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ التَّنَحْنُحَ قَصْدًا وَاخْتِيَارًا مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ عَبَثٌ لِعُرُوُّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ وَقَيَّدَ بِالتَّنَحْنُحِ لِأَنَّهُ لَوْ تَثَاءَبَ فَحَصَلَ مِنْهُ صَوْتٌ أَوْ عَطْسٌ فَحَصَلَ مِنْهُ صَوْتٌ مَعَ الْحُرُوفِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا يُفْسِدُ ظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْمَسْمُوعَ مَا يَكُونُ مُهْجًى نَحْوَ أَحْ وَتُفْ وَغَيْرَ الْمَسْمُوعِ مَا لَا يَكُونُ مُهْجًى إلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا لَمْ يَشْتَرِطُوا وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ حَتَّى قِيلَ إذَا قَالَ فِي صَلَاتِهِ مَا يُسَاقُ بِهِ الْحِمَارُ لَا تَفْسُدُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْحُرُوفُ. اهـ. وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُفْسِدْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ

(قَوْلُهُ وَجَوَابُ عَاطِسٍ بِيَرْحَمُك اللَّهُ) أَيْ يُفْسِدُهَا لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَائِلِهِ وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فَجَعْلُ التَّشْمِيتِ مِنْهُ قَيْدٌ بِكَوْنِهِ جَوَابًا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْعَاطِسُ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ يَا نَفْسِي لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خِطَابًا لِغَيْرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ كَمَا إذَا قَالَ يَرْحَمُنِي اللَّهُ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْعَاطِسُ أَوْ السَّامِعُ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ جَوَابًا وَإِنْ قَصَدَهُ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَمَحَلُّهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْجَوَابِ أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْهُ بَلْ قَالَهُ رَجَاءَ الثَّوَابِ لَا تَفْسُدُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا عِنْدَ عَدَمِ إرَادَةِ التَّفْهِيمِ فَلَوْ أَرَادَهُ تَفْسُدُ صَلَاةُ السَّامِعِ الْقَائِلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَشَرْحِهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَابِ إلَى أَنَّ الْمُصَلِّي لَوْ عَطَسَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَ الْعَاطِسُ آمِينَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلَانِ يُصَلِّيَانِ فَعَطَسَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَا جَمِيعًا آمِينَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْعَاطِسِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ اهـ.

أَيْ لَمْ يُجِبْهُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَمَّنَ الْمُصَلِّي لِدُعَاءِ رَجُلٍ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ.

وَهُوَ يُفِيدُ فَسَادَ صَلَاةِ الْمُؤَمِّنِ الَّذِي لَيْسَ بِعَاطِسٍ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ كَمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَيُعَارِضُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَطُرُقٍ فِي النَّهْرِ احْتِمَالَ أَنَّ عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا مُعَارَضَةَ

[التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ لَكِنْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ إلَخْ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ التَّنَحْنُحُ لِلتَّسْبِيحِ أَوْ التَّكْبِيرُ لِلِانْتِقَالَاتِ وَهِيَ حَادِثَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا لِلْقِرَاءَةِ مُلْحَقٌ بِهَا) لَا يَشْمَلُ التَّنَحْنُحَ لِإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا لَمْ يَشْتَرِطُوا) أَيْ أَنْ يَكُونَ مُهْجًى بَلْ الشَّرْطُ كَوْنُهُ مَسْمُوعًا وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَبَعْضُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ الْحُرُوفَ فِي الْإِفْسَادِ بَعْدَ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا وَعَلَى هَذَا لَوْ نَفَّرَ طَائِرًا أَوْ دَعَاهُ بِمَا هُوَ مَسْمُوعٌ اهـ.

فَقَوْلُهُ حَتَّى قِيلَ إذَا قَالَ فِي صَلَاتِهِ مَا يُسَاقُ بِهِ الْحِمَارُ لَا تَفْسُدُ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ لَا فِي قَوْلِهِ لَا تَفْسُدُ ثَابِتَةً فِي أَصْلِ جَمِيعِ نُسَخِ الظَّهِيرِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ تَفْرِيغٌ عَلَى الثَّانِي كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِيمَا عِنْدِي مِنْ نُسْخَةِ الظَّهِيرِيَّةِ ثُبُوتُهَا فَتَأَمَّلْ

[تشميت العاطس فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُجِبْهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَنْصُوبَ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ عَائِدٌ إلَى الْمُصَلِّي الْآخَرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الرَّجُلِ الْخَارِجِ أَيْ لِأَنَّ الْقَائِلَ يَرْحَمُك اللَّهُ إنَّمَا دَعَا بِذَلِكَ لِلْعَاطِسِ لَا لِلْمُصَلِّي الْآخَرِ فَكَانَ قَوْلُ الْعَاطِسِ آمِينَ جَوَابًا لِلدَّاعِي لَهُ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي الْآخَرِ فَلَمْ يَكُنْ تَأْمِينُهُ جَوَابًا لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُفِيدُ فَسَادَ صَلَاةِ الْمُؤَمِّنِ الَّذِي لَيْسَ بِعَاطِسٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الثَّانِيَ تَأْمِينٌ لِدُعَائِهِ لِانْقِطَاعِهِ بِالْأَوَّلِ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ التَّعْلِيلُ اهـ.

أَيْ التَّعْلِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>