للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلضَّمَانِ إلَّا إذَا كَانَ مَكَانًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ تَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَرَادُوا مِنْ الْمَسْجِدِ دَاخِلَهُ لِقَوْلِ صَاحِبِ النِّهَايَةِ وَلِأَنَّ فِي تَزْيِينِهِ تَرْغِيبُ النَّاسِ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ حَسَنٌ اهـ.

فَيُفِيدُ أَنَّ تَزْيِينَ خَارِجِهِ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي فِعْلُهُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ خُصُوصًا إذَا قَصَدَ بِهِ حِرْمَانَ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ كَمَا شَاهَدْنَاهُ فِي زَمَانِنَا مِنْ دَهْنِهِمْ الْحِيطَانِ الْخَارِجَةِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَفِي النِّهَايَةِ وَلَيْسَ بِمُسْتَحْسَنٍ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْمَحَارِيبِ وَالْجُدْرَانِ لِمَا يُخَافُ مِنْ سُقُوطِ الْكِتَابَةِ وَأَنْ تُوطَأَ وَفِي جَامِعِ النَّسَفِيِّ مُصَلَّى أَوْ بِسَاطٌ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ لَا غَيْرُ أَوْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَحْدَهَا وَكَذَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ إذَا لَمْ يَأْمَنْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُوضَعَ فِي أَعْلَى مَوْضِعٍ لَا يُوضَعُ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَكَذَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ الرِّقَاعِ وَإِلْصَاقُهَا فِي الْأَبْوَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

لَا خَفَاءَ فِي حُسْنِ تَأْخِيرِهِمَا عَنْ الْفَرَائِضِ وَالْوِتْرُ فِي اللُّغَةِ خِلَافُ الشَّفْعِ وَأَوْتَرَ صَلَّى الْوِتْرَ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ صَلَاةٌ مَخْصُوصَةٌ وَهِيَ ثَلَاثَةُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَالنَّفَلُ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ وَفِي الشَّرِيعَةِ زِيَادَةُ عِبَادَةٍ شُرِعَتْ لَنَا لَا عَلَيْنَا وَوُجُوهُ اشْتِقَاقِهِ يَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ وَلِهَذَا يُسَمَّى وَلَدُ الْوَلَدِ نَافِلَةً لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ وَتُسَمَّى الْغَنِيمَةُ نَفْلًا لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ (قَوْلُهُ الْوِتْرُ وَاجِبٌ) وَهَذَا آخِرُ أَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرْضٌ وَعَنْهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَوَفَّقَ الْمَشَايِخُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فَرْضٌ عَمَلًا وَاجِبٌ اعْتِقَادًا سُنَّةٌ ثُبُوتًا وَدَلِيلًا وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَسُنَّةٌ عَمَلًا وَاعْتِقَادًا وَدَلِيلًا لَكِنْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ آكَدُ مِنْ سَائِرِ السُّنَنِ الْمُؤَقَّتَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ لِظُهُورِ أَثَرِ السُّنَنِ فِيهِ حَيْثُ لَا يُؤَذَّنُ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمَا دَلِيلُ الْوُجُوبِ فَنَفَيَاهُ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ فِي الْهِدَايَةِ لَهُمَا بِأَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ لَا يُفِيدُ إذْ إثْبَاتُ اللَّازِمِ لَا يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ الْمَلْزُومِ الْمُعَيَّنِ إلَّا إذَا سَاوَاهُ وَهُوَ هُنَا أَعَمُّ فَإِنَّ عَدَمَ الْإِكْفَارِ بِالْجَحْدِ لَازِمُ الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ لَازِمُ السُّنَّةِ وَالْمُدَّعِي الْوُجُوبَ لَا الْفَرْضَ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَثَبَتَ عِنْدَهُ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْحَدِيثُ وَأَحْسَنُ مَا يُعَيَّنُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعًا «الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنِّي الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنِّي الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنِّي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ

وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا» وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَأَمَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْتَرَ عَلَى بَعِيرِهِ» فَوَاقِعَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَيَجُوزُ كَوْنُهُ كَانَ لِلْعُذْرِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ يُصَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ لِعُذْرِ الطِّينِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَمْ يُقَارِنْ وُجُوبَ الْخَمْسِ بَلْ مُتَأَخِّرٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَنْزِلُ لِلْوِتْرِ» وَأَمَّا «حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ حِينَ قَالَ لَهُ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا أَيْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ كَمَا زَعَمَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ وَجَبَ الْوِتْرُ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْعِبَادَةِ الْمَالِيَّةِ فَأَخْبَرَهُ بِالزَّكَاةِ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا فَقَالَ لَا كَمَا ذَكَرَ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ عِنْدَهُمْ بِدَلِيلِهِ فَمَا هُوَ جَوَابُهُمْ عَنْهَا فَهُوَ جَوَابُنَا عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ الْقَطْعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ قَطْعِيٍّ وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ حِكَايَةً هِيَ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ السَّمْتِيَّ كَانَ مِنْ أَعْيَانِ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ فَسَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْهُ فَقَالَ إنَّهُ وَاجِبٌ

ــ

[منحة الخالق]

النُّقُوشِ وَنَحْوِهَا خُصُوصًا فِي الْمِحْرَابِ اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ

[بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِل]

<<  <  ج: ص:  >  >>