للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي آخِرِ الْعُمُرِ كَانَ مُحْتَبِيًا وَلِأَنَّهُ يَكُونُ أَكْثَرَ تَوْجِيهًا لِأَعْضَائِهِ إلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّ السَّاقَيْنِ يَكُونَانِ مُتَوَجِّهَيْنِ كَمَا يَكُونُ حَالَةَ الْقِيَامِ اهـ.

وَتَفْسِيرُ الِاحْتِبَاءِ أَنْ يَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ وَيَجْمَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ سَاقَيْهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ فَحِينَئِذٍ فَالْإِفْتَاءُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ تُضَافَ إلَى زُفَرَ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَيَّدَ بِالتَّنَفُّلِ قَاعِدًا لِأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ مُضْطَجِعًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ كَمَا سَبَقَ وَالشُّرُوعُ وَهُوَ مُنْحَنٍ قَرِيبًا مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا فِي التَّنَفُّلِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ التَّجْنِيسِ السَّابِقُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.

(قَوْلُهُ وَرَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ مُومِيًا إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ) أَيْ يَتَنَفَّلُ رَاكِبًا لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي النَّوَافِلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي كُلِّ وَجْهٍ يُومِئُ إيمَاءً وَلَكِنَّهُ يُخْفِضُ السَّجْدَةَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ» أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا خَرَجَ إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي لِحَاجَةٍ وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ وَمَا إذَا قَدَرَ عَلَى النُّزُولِ أَوْ لَا وَقَيَّدَ بِخَارِجِ الْمِصْرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّنَفُّلُ عَلَيْهَا فِي الْمِصْرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ دُونَ أَنْ يَقُولَ وَجَّهَ دَابَّتَهُ إلَيْهِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِهَا عَلَيْهَا مَا إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً أَوْ سَارَتْ بِنَفْسِهَا

أَمَّا إذَا كَانَتْ تَسِيرُ بِتَسْيِيرِ صَاحِبِهَا فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ جَازَ الِافْتِتَاحُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَإِلَى أَنَّهُ إذَا صَلَّى إلَى غَيْرِ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ دَابَّتُهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ طَهَارَةَ الدَّابَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى السَّرْجِ أَوْ عَلَى الرِّكَابَيْنِ أَوْ الدَّابَّةِ لِأَنَّ فِيهَا ضَرُورَةً فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ وَالْكَافِي بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْأَرْكَانِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَأَنْ يَسْقُطَ شَرْطُ طَهَارَةِ الْمَكَانِ أَوْلَى وَقَيَّدَ بِالنَّفْلِ لِأَنَّ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ بِأَنْوَاعِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ الْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَمَا لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ وَالْإِفْسَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالسَّجْدَةِ الَّتِي تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْحَرَجِ فِي النُّزُولِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إذَا اسْتَطَاعَ النُّزُولَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَنْ يَخَافَ اللِّصَّ أَوْ السَّبُعَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَلَمْ يَقِفْ لَهُ رُفَقَاؤُهُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ جَمُوحًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رُكُوبِهَا إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَجِدُ مَنْ يُرْكِبُهُ وَمِنْ الْأَعْذَارِ الطِّينُ وَالْمَطَرُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ يَغِيبُ وَجْهُهُ فِي الطِّينِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَالْأَرْضُ نَدِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّي هُنَاكَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمُعِينِ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا لِمَا عُرِفَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَعْتَبِرُ قُدْرَةَ الْغَيْرِ

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ الرَّجُلُ إذَا حَمَلَ امْرَأَتَهُ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ كَانَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ إذَا كَانَتْ لَا تَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهَا

ــ

[منحة الخالق]

[التَّنَفُّلُ رَاكِبًا]

(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ تَسِيرُ بِتَسْيِيرِ صَاحِبِهَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ بِعَمَلٍ كَبِيرٍ لِقَوْلِهِمْ إذَا حَرَّكَ رِجْلَهُ أَوْ ضَرَبَ دَابَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا اهـ.

قُلْت: وَيُفْهَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ شَرْحِ السِّيَرِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا فَسَاقَهَا هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ قَالَ إنْ كَانَ مَعَهُ سَوْطٌ فَهَيَّبَهَا بِهِ وَنَخَسَهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ اهـ.

وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمُرَادِ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ إلَخْ) أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْ تَخْصِيصِ السُّقُوطِ لِطَهَارَةِ الْمَكَانِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ خَلْعُ النَّعْلَيْنِ لَوْ كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ قَالَ وَقِيَاسُ هَذَا وَلَوْ عَلَى الْمُصَلِّي أَيْضًا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ فِي هَذَا وَالْفَرْقُ قَدْ يَعْسُرُ فَتَدَبَّرْ اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ عَسِيرٍ لِأَنَّ الدَّابَّةَ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ السَّرْجِ وَنَحْوِهِ مَظِنَّةُ النَّجَاسَةِ لِنَوْمِهَا عَلَى عَذِرَتِهَا وَتَمَرُّغِهَا بِهَا فَلَوْ اشْتَرَطَ طَهَارَتَهَا لَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الْحَرَجِ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي إذْ يُمْكِنُهُ خَلْعُ ثَوْبِهِ الْمُتَنَجِّسِ عَلَى أَنَّهُ يَنْدُرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْفُضَلَاءِ تَعَقَّبَ النَّهْرَ بِقَوْلِهِ الْفَرْقُ أَظْهَرُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا عَلَى الْمُصَلِّي بِخِلَافِ مَا فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ أَوْ الرِّكَابَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْوِتْرِ إلَخْ) بَيَانٌ لِأَنْوَاعِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إذَا اسْتَطَاعَ النُّزُولَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَلَامًا مَحْذُوفًا وَهُوَ وَيَجُوزُ مِنْ عُذْرٍ تَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمُعِينِ هُنَا إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ جَمُوحًا إلَخْ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْمُعِينَ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ لَزِمَهُ النُّزُولُ إذَا وُجِدَ الْمُعِينُ نَعَمْ قَوْلُهُ أَوْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَجِدُ مَنْ يُرْكِبُهُ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْكِبُهُ يَلْزَمُهُ النُّزُولُ فَبَدَلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُعِينِ فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى دَلَّتْ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُعِينِ وَالثَّانِيَةُ دَلَّتْ عَلَى اعْتِبَارِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>