للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمَاعَةِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقِفَنَّ مَوَاقِفَ التُّهَمِ» اهـ.

وَبَحَثَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّ هَذَا الظَّنَّ يَزُولُ عَنْهُ فِي ثَانِي الْحَالِ إذَا شُوهِدَ شُرُوعُهُ فِيهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السُّنَّةِ

وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ فِي كُتِبَ الصَّلَاةِ مِنْ الْأَصْلِ فِي الْمُؤَذِّنِ يَأْخُذُ فِي الْإِقَامَةِ أَيُكْرَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَالَ نَعَمْ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي فَهْمِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَوْضُوعُهَا فِيمَا إذَا انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ وَقَدْ سَبَقَهُ بِالتَّكْبِيرِ فَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ وَصَلَ إلَى الْإِمَامِ بَعْدَ شُرُوعِهِ أَوْ قَبْلَهُ فِي الْإِقَامَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ اهـ.

يَعْنِي فَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ التَّعْمِيمِ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَيْسَ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَالْمُحِيطِ وَلَا يَتَطَوَّعُ إذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اهـ.

إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا يُوقِعُ فِي التُّهْمَةِ لَا يُرْتَكَبُ وَإِنْ ارْتَفَعَتْ بَعْدَهُ كَمَا وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ إيَّاكَ وَمَا يَسْبِقُ إلَى الْقُلُوبِ إنْكَارُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَك اعْتِذَارُهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِنَفْلٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ ثُمَّ السُّنَّةُ فِي السُّنَنِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ فَفِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاحِدًا فَخَلْفَ الْأُسْطُوَانَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَوْ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ بَعِيدًا عَنْ الصُّفُوفِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ وَتُكْرَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ خَلْفَ الصَّفِّ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ وَالْأَوَّلُ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ الثَّانِي وَأَمَّا السُّنَنُ الَّتِي بَعْدَ الْفَرَائِضِ فَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي الْمَنْزِلِ إلَّا إذَا خَافَ الِاشْتِغَالَ عَنْهَا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْبَيْتِ فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي أَيِّ مَكَان مِنْهُ وَلَوْ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَنَحَّى خُطْوَةً وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تُقْضَ إلَّا تَبَعًا) أَيْ لَمْ تُقْضَ سُنَّةُ الْفَجْرِ إلَّا إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ فَتُقْضَى تَبَعًا لِلْفَرْضِ سَوَاءٌ قَضَاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ فِي غَدَاةِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ عَلَى الْأَصْلِ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا لَا تُقْضَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَصْلًا وَلَا بَعْدَ الطُّلُوعِ إذَا كَانَ قَدْ أَدَّى الْفَرْضَ وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا قَضَاهُمَا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا خِلَافَ فِي الثَّانِي وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهَا لَا تُقْضَى تَبَعًا لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِقَضَائِهَا فِي الْوَقْتِ الْمُهْمَلِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَمَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لَا يُقَاسُ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَالَ وَلَمْ تُقْضَ إلَّا تَبَعًا قَبْلَ الزَّوَالِ لَكَانَ أَوْلَى وَقَيَّدَ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ لِأَنَّ سَائِرَ السُّنَنِ لَا تُقْضَى بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تَبَعًا وَلَا مَقْصُودًا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ

ــ

[منحة الخالق]

الْعَمَلِ قَصْدًا مَنْهِيٌّ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي فَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ التَّعْمِيمِ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَيْسَ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ) تَخْصِيصُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ مَحَلُّ نَظَرٍ بَلْ الْمَفْهُومُ مِنْ الْكَلَامِ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى قَوْلِ الْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ السُّنَّةُ فِي السُّنَنِ إلَخْ) أَقُولُ: الْمَذْكُورُ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَشَرْحِ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ السُّنَّةُ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَفِي التَّبْيِينِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ إحْرَازُ الْفَضِيلَتَيْنِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ شَرَعَ مَعَهُ بِخِلَافِ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ.

فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ السُّنَّةُ فِي السُّنَّةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ وَقَدْ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي أَصْلِ بَعْضِ النُّسَخِ لَكِنَّهُ مُصَلَّحٌ بِالسُّنَنِ وَهَذَا الْإِصْلَاحُ إفْسَادٌ كَمَا رَأَيْت ثُمَّ هَذَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْفَرِيضَةِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ قَالَ وَأَمَّا قَبْلَ شُرُوعِهِمْ فِي الْفَرِيضَةِ فَيَأْتِي بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ اهـ.

وَقَدْ عُلِمَ هَذَا مِمَّا مَرَّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّ غَيْرَ سُنَّةِ الْفَجْرِ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ.

[قَضَاء سُنَّةُ الْفَجْرِ]

(قَوْلُهُ لِأَنَّ سَائِرَ السُّنَنِ لَا تُقْضَى) إلَى آخِرِ عِبَارَتِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا سَائِرُ السُّنَنِ سِوَاهَا لَا تُقْضَى بَعْدَ الْوَقْتِ وَحْدَهَا وَفِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ.

أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَقْضِيهَا لِأَنَّهُ كَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُسَمَّى تَبَعًا لَا ضِمْنًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ سَهْوٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي قَضَائِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَبَعًا وَقَدْ عَلِمْت ثُبُوتَهُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ تَبَعًا لَيْسَ هُوَ الْخِلَافُ الْآتِي مَعَ بَقَائِهِ وَلِذَا كَانَ الرَّاجِحُ فِي الْأَوَّلِ عَدَمَ الْقَضَاءِ وَفِي الثَّانِي الْقَضَاءَ اهـ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِيهِ كَلَامٌ أَمَّا أَوَّلًا فَإِطْلَاقُ الْبَحْرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا وَقَعَ لِلْبُرْجُنْدِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَانِيًا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ إلَخْ فَبِنَاءً عَلَى دَأْبِهِمْ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ التَّصْحِيحُ حَيْثُ يُعَبِّرُونَ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ وَالتَّصْحِيحُ مُخْتَلِفٌ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيٌ الِاخْتِلَافِ عَمَّا قَبْلَهُ فَلْيُتَدَبَّرْ وَأَمَّا ثَانِيًا فَصَاحِبُ الْبَحْرِ لَمْ يَجْعَلْ الْخِلَافَ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ تَبَعًا لِلْخِلَافِ الْآتِي مَعَ بَقَائِهِ بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي الْقَضَاءِ تَبَعًا فِي الْوَقْتِ وَالظَّاهِرُ الْقَضَاءُ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ لِلِاخْتِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>