للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكْرُوهٌ فَإِنْ قَرَأَ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْأُولَيَيْنِ كَانَ مُتَنَفِّلًا بِالْأَرْبَعِ أَوْ بِالْأُولَيَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَرْضَ أَوَّلًا وَإِذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ شَفْعٍ تَمَحَّضَ لِلْفَرْضِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَوْ لِلْفَسَادِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَرْضَ أَوَّلًا فَلَمْ يَكُنْ مُتَنَفِّلًا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَكِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَقُولَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِنْ الشَّفْعَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَيَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ شَفْعٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لِلْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْفَرْضِ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ عَيْنٍ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّنَفُّلَ الْمَكْرُوهَ وَالْقَصْدِيَّ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا لَا يَخْفَى فَيَقْرَأُ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ فِي الْكُلِّ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لَوْ شَكَّ فِي إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّك لَا تَتِمُّ أَعَادَ وَبِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ اهـ.

وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ مَقْبُولٌ فِي الدِّيَانَاتِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِيهِ إلْزَامًا مِنْ كُلٍّ فَشَابَهَ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِالْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَلْزَمُ الْغَيْرَ دُونَ الْمُخْبِرِ وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَا تُقْبَلُ اهـ.

فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فَقَوْلُ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فَإِطْلَاقُ الْحَاوِي لَيْسَ بِالْحَاوِي وَفِي الْحَاوِي أَيْضًا لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَضَى الْفَجْرَ وَالْوِتْرَ اهـ.

وَوَجْهُهُ إنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُبْطِلُهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إلَّا الْفَجْرَ وَالْوِتْرَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسَافِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ صَلَّى شَهْرًا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ عَشْرَ سَجَدَاتٍ مِنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ يَقْضِي صَلَوَاتِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَرَكَ كُلَّ سَجْدَةٍ فِي يَوْمٍ اهـ.

وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْعَشْرَ سَجَدَاتٍ تُجْعَلُ مُفَرَّقَةً عَلَى عَشْرِ صَلَوَاتٍ احْتِيَاطًا فَصَارَ كَأَنَّهُ تَرَكَ صَلَاةً مِنْ صَلَوَاتِ كُلِّ يَوْمٍ وَإِذَا تَرَكَ صَلَاةً وَلَمْ يَرِدْ تَعَيُّنَهَا يَقْضِي صَلَاةَ يَوْمٍ كَامِلٍ فَلَزِمَهُ قَضَاءُ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَفِي الْقُنْيَةِ صَبِيٌّ بَلَغَ وَقْتَ الْفَجْرِ وَلَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ وَصَلَّى الظُّهْرَ مَعَ تَذَكُّرِهِ يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بِهَذَا الْقَدْرِ اهـ.

وَهُوَ إنْ صَحَّ يَكُونُ مُخَصِّصًا لِلْمُتُونِ وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ عِنْدِي لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ صَارَ مُكَلَّفًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِهِ فَيُعْذَرُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ مِنْ زَمَنِ الصِّبَا.

(قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ الْمُسْتَحَقُّ بِضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْوَقْتِيَّةِ بِالْكِتَابِ وَوَقْتٌ لِلْفَائِتَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَالْكِتَابُ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَكُنْ وَقْتُ كَرَاهَةٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا وَهُوَ لُزُومُ تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ وَهُوَ لَا يَعْدَم الْمَشْرُوعِيَّةَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالنَّهْيِ هُنَا فَقِيلَ نَهْيُ الشَّارِعِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَقِيلَ نَهْيُ الْإِجْمَاعِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْفَائِتَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَإِنَّمَا قُلْنَا صَحِيحَةً وَلَمْ نَقُلْ جَائِزَةً لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَرَامٌ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّافِلَةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهَا مَعَ الْإِثْمِ وَتَفْسِيرُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ لَا يَسَعُهُمَا مَعًا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ ظَنِّهِ حَتَّى لَوْ ظَنَّ ضِيقَهُ فَصَلَّى الْوَقْتِيَّةَ فَلَمَّا فَرَغَ ظَهَرَ أَنَّ فِيهِ سَعَةً بَطَلَ مَا أَدَّاهُ وَفِي الْمُجْتَبَى وَمَنْ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ فَظَنَّ ضِيقَ وَقْتِ الْفَجْرِ فَصَلَّاهَا وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُكَرِّرُهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَفَرْضُهُ مَا يَلِي الطُّلُوعَ وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ وَلَوْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ عِنْدَ الشُّرُوعِ فَشَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فَلَمَّا فَرَغَ ضَاقَ الْوَقْتُ بَطَلَ مَا أَدَّاهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ يَسَعُ بَعْضَ الْفَوَائِتِ فَقَطْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَفِي الْمُجْتَبَى خِلَافُهُ فَإِنَّهُ وَلَوْ فَاتَتْهُ أَرْبَعٌ وَالْوَقْتُ لَا يَسَعُ إلَّا الْفَائِتَتَيْنِ وَالْوَقْتِيَّةُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ. اهـ. .

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ أَصْلِ الْوَقْتِ فِي الضِّيقِ لَا الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَنَسَبَ الطَّحَاوِيُّ الْأَوَّلَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالثَّانِيَ إلَى مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْمُفِيدَ لِذَلِكَ التَّقْيِيدِ بِالْإِمَامِ فَمُسَلَّمٌ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَشْمَلُ غَيْرَهُ أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ عِنْدِي إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا رَوَى الْحَسَنُ أَنَّ مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ التَّرْتِيبِ يَلْحَقُ بِالنَّاسِي وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بُخَارَى كَمَا فِي الْبِنَايَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالصَّبِيِّ يُرْشِدُ إلَيْهِ اهـ.

قُلْت: وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ الْمُجْتَبَى فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالنِّسْيَانِ.

[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن صَلَاةِ الْفَائِتَةِ]

(قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْفَرْضِ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْفَائِتَةِ وَقَرَأَ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ بِلَا كَرَاهَةٍ تَفُوتُ الْوَقْتِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطَالَ الْقِرَاءَةَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى خِلَافُهُ) قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيُّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ اهـ.

لَكِنَّ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ جَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>