للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْقًا فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى مَضَى رَمَضَانُ كُلُّهُ ثُمَّ أَفَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَوْ جُنَّ قَبْلَ رَمَضَانَ وَأَفَاقَ بَعْدَمَا مَضَى شَهْرُ رَمَضَانَ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَكْثَرِيَّةَ مِنْ حَيْثُ الصَّلَوَاتُ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ سِتٌّ فَأَكْثَرُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ أَيْضًا الْعِبْرَةُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَفَاقَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ إذَا أَفَاقَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

كَانَ مِنْ حَقِّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يَقْتَرِنَ بِسُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَجْدَةٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ صَلَاةُ الْمَرِيضِ بِعَارِضٍ سَمَاوِيٍّ كَالسَّهْوِ وَأَلْحَقَتْهَا الْمُنَاسِبَةَ بِهِ فَتَأَخَّرَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ ضَرُورَةً، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ بَيَانًا سَبَبَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ أَيْضًا لِمَا أَنَّ التِّلَاوَةَ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلسَّمَاعِ أَيْضًا كَانَ ذِكْرُهَا مُشْتَمِلًا عَلَى السَّمَاعِ مِنْ وَجْهٍ فَاكْتُفِيَ بِهِ، وَفِي إضَافَةِ السُّجُودِ إلَى التِّلَاوَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَتَبَهَا أَوْ تَهَجَّاهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودٌ، وَلَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِالْهِجَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَشَرَائِطُهَا شَرَائِطُ الصَّلَاةِ إلَّا التَّحْرِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا لِتَوْحِيدِ الْأَفْعَالِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَرُكْنُهَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الرُّكُوعِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ مِنْ الْإِيمَاءِ لِلْمَرِيضِ أَوْ كَانَ رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَتَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ الْإِيمَاءُ عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوهُ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ أَمْرٌ دَائِمٌ بِمَنْزِلَةِ التَّطَوُّعِ فَكَانَ فِي اشْتِرَاطِ النُّزُولِ لَهُ حَرَجٌ بِخِلَافِ الْفَرْضِ وَالْمَنْذُورِ، وَمَا وَجَبَ مِنْ السَّجْدَةِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَمَا وَجَبَ عَلَى الدَّابَّةِ يَجُوزُ عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَجَبَتْ تَامَّةً فَلَا تَسْقُطُ بِالْإِيمَاءِ، وَلَوْ تَلَاهَا عَلَى الدَّابَّةِ فَنَزَلَ ثُمَّ رَكِبَ فَأَدَّاهَا بِالْإِيمَاءِ جَازَ وَيُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مِنْ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ وَالْقَهْقَهَةِ، وَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا كَمَا لَوْ وُجِدَتْ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُ لِتَمَامِ الرُّكْنِ، وَهُوَ الرَّفْعُ، وَلَمْ يَحْصُلْ بَعْدَهُ فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَقَدْ حَصَلَ قَبْلَ هَذِهِ الْعَوَارِضِ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَهُ لِلْوَضْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْسِدَهَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهَا تُفْسَدُ عَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي الْقَهْقَهَةِ، وَكَذَا مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ لَا تُفْسِدُهَا كَمَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَوْ نَامَ فِيهَا لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ كَالصُّلْبِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ أَحْكَامِهَا.

(قَوْلُهُ تَجِبُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً) أَيْ تَجِبُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِسَبَبِ تِلَاوَةِ آيَةٍ مِنْ أَرْبَعَ عَشَرَةَ آيَةً فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً وَهِيَ: الْأَعْرَافُ فِي آخِرِهَا وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَبَنِي إسْرَائِيلَ وَمَرْيَمُ وَالْأُولَى مِنْ الْحَجِّ وَالْفُرْقَانُ وَالنَّمْلُ والم تَنْزِيلُ وص وحم السَّجْدَةُ وَالنَّجْمُ وَالِانْشِقَاقُ وَالْعَلَقُ هَكَذَا كُتِبَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَهِيَ أَرْبَعٌ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَعَشْرٌ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ وَاجِبَةً لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا»

ــ

[منحة الخالق]

فَالْأَحْسَنُ فِي التَّعْبِيرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا إذَا زَالَ عَقْلُهُ بِالْخَمْرِ أَوْ بِالْبَنْجِ وَعَلَّلَ لَهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْفَزَعِ وَالْخَوْفِ وَعَلَّلَ لَهَا فَكَانَ ذِكْرُهَا أَخِيرًا بِمَنْزِلَةِ جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ تَرْتِيبٌ حَسَنٌ

(قَوْلُهُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ) قَالَهُ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْوِتْرَ لَا يَجِبُ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَجِبُ مُحَرَّفٌ عَنْ لَا يُحْسَبُ بِالسِّينِ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لَا يَعُدُّ مِنْ السِّتِّ.

[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

[أَرْكَان سُجُود التِّلَاوَة]

(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ) .

(قَوْلُهُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ قَدْ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَارِجَهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَإِنَّهَا نَفْسُ الصَّلَاةِ وَأَحْكَامُهَا وَارِدَةٌ عَلَى نَفْسِ الْمَاهِيَّةِ فِيهَا، وَكَذَا سُجُودُ السَّهْوِ يُؤَدَّى فِيهَا لَا خَارِجَهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ أَيْضًا) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ رَجَّحَ فِي الْكَافِي أَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا هُوَ التِّلَاوَةُ وَأَنَّ السَّمَاعَ فِي حَقِّ السَّامِعِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فَقَطْ نَعَمْ ذَهَبَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إلَى أَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ أَيْضًا فَاعْتَذَرَ عَنْهُ شُرَّاحُهَا بِمَا مَرَّ اهـ.

وَمَا فِي الْكَافِي صَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَصَحَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ إلَّا التَّحْرِيمَةَ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَالْآنِيَةُ التَّعْيِينُ فَفِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ يَعْنِي تَعْيِينَ أَنَّهَا سَجْدَةُ آيَةِ كَذَا.

[مَوَاضِع سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِأَرْبَعَ عَشَرَةَ آيَةً) قَالَ فِي النَّهْرِ أَيْ بِسَبَبِ تِلَاوَتِهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي أَرْبَعَ عَشَرَةَ آيَةً، وَكَأَنَّهُ أَوْلَى إذْ مُقْتَضَى الْأَوْلَى تَوَقُّفُ الْوُجُوبِ عَلَى تِلَاوَةِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ أَيْ تَجِبُ إلَخْ مِمَّا لَا دَلِيلَ فِي كَلَامِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا» ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>