للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَعَلَى صَاحِبِهِ سَجْدَتَانِ. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تَلَاهَا مَرَّتَيْنِ سَجْدَتَانِ أَيْضًا صَلَاتِيَّةً بِتِلَاوَتِهِ وَخَارِجِيَّةً بِتِلَاوَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ - بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى - فِي فَتَاوَى قَاضِي خان أَنَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا سَجْدَتَيْنِ صَلَاتِيَّةً بِتِلَاوَتِهِ وَخَارِجِيَّةً بِسَمَاعِهِ مِنْ صَاحِبِهِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَسْجُدَ بِشَرَائِطِ الصَّلَاةِ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ بِلَا رَفْعِ يَدٍ وَتَشَهُّدٍ وَتَسْلِيمٍ) أَيْ وَكَيْفِيَّةُ السُّجُودِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ التَّحْرِيمَةُ وَالْمُرَادُ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ تَكْبِيرَةُ الْوَضْعِ وَتَكْبِيرَةُ الرَّفْعِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد فِي السُّنَنِ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّكْبِيرَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِ الِانْحِطَاطِ لَا لِلتَّحْرِيمَةِ كَمَا فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ، وَكَذَا التَّكْبِيرُ لِلرَّفْعِ كَمَا فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّمَا لَا يَتَشَهَّدُ، وَلَا يُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّحْلِيلِ، وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ التَّحْرِيمَةِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَقُولُهُ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَا صُحِّحَ عَلَى عُمُومِهِ، فَإِنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَةً قَالَ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى أَوْ نَفْلًا قَالَ مَا شَاءَ مِمَّا وَرَدَ كَسَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ إلَى آخِرِهِ وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ قَالَ كُلَّ مَا أُثِرَ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ لِأَدَائِهَا أَنْ يَقُومَ فَيَسْجُدَ؛ لِأَنَّ الْخُرُورَ سُقُوطٌ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقُرْآنُ وَرَدَ بِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَمَا وَقَعَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَاعِدًا لَا يَقُومُ لَهَا فَخِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُومَ وَيَسْجُدَ وَيَقُومَ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ السَّجْدَةِ وَلَا يَقْعُدُ اهـ.

وَالثَّانِي غَرِيبٌ وَأَفَادَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ يَقُومُ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْجُدَهَا مُتَرَادِفَةً وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَتَقَدَّمَ التَّالِي وَيَصُفَّ الْقَوْمَ خَلْفَهُ فَيَسْجُدُونَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْفَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ قَبْلَهُ وَلَيْسَ هُوَ اقْتِدَاءً لَهُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَدَتْ سَجْدَةٌ لِإِمَامِ بِسَبَبٍ، لَا يَتَعَدَّى إلَيْهِمْ، وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ: لَا يُؤْمَرُ التَّالِي بِالتَّقْدِيمِ وَلَا بِالصَّفِّ وَلَكِنَّهُ يَسْجُدُ وَيَسْجُدُونَ مَعَهُ حَيْثُ كَانُوا وَكَيْفَ كَانُوا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ إمَامًا لِلرَّجُلِ فِيهَا اهـ.

وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يَنْوِيهَا بِقَلْبِهِ وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ: أَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَمَا يَقُولُ أُصَلِّي لِلَّهِ تَعَالَى صَلَاةَ كَذَا.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً وَيَدَعَ آيَةَ السَّجْدَةِ لَا عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِنْكَافَ عَنْهَا عَمْدًا فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي مُبَادِرًا لَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ وَذَكَرَ قَاضِي خان إنْ قَرَأَ مَعَهَا آيَةً وَآيَتَيْنِ فَهُوَ أَحَبُّ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا قَرَأَ بَعْدَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ دَفْعًا لِوَهْمِ التَّفْضِيلِ أَيْ تَفْضِيلِ آيِ السَّجْدَةِ عَلَى غَيْرِهَا إذْ لِكُلٍّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى فِي رُتْبَةٍ، وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهَا بِسَبَبِ اشْتِمَالِهِ عَلَى ذِكْرِ صِفَاتِ الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ لَا بِاعْتِبَارِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ قُرْآنٌ، وَفِي الْكَافِي قِيلَ: مَنْ قَرَأَ آيَ السَّجْدَةِ كُلَّهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسَجَدَ لِكُلٍّ مِنْهَا كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ فِي كَرَاهَةِ تَرْكِ آيَةِ السَّجْدَةِ مِنْ سُورَةٍ يَقْرَؤُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ قَطْعًا لِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَتَغْيِيرًا لِتَأْلِيفِهِ، وَاتِّبَاعُ النَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ مَأْمُورٌ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨] أَيْ تَأْلِيفَهُ فَكَانَ التَّغْيِيرُ مَكْرُوهًا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَقُولُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْده فِي الْبَدَائِعِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ بَيْنِ السُّوَرِ لَمْ

ــ

[منحة الخالق]

كَانَ وَاحِدًا، وَإِنْ نَظَرْنَا إلَى مَكَانِ التَّالِي فَمَكَانُهُ جُعِلَ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّهِ فَيُجْعَلُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ السَّامِعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ بِنَاءً عَلَى التِّلَاوَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ الظَّهِيرِيَّةِ كَالْقُنْيَةِ.

[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

(قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي الْحُجَّةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَوْ سَجَدَ، وَلَمْ يُكَبِّرْ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ قَالَ فِي الْحُجَّةِ وَهَذَا يُعْلَمُ، وَلَا يُعْمَلُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُضْمَرَاتِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَاَلَّذِي فِي الْمُضْمَرَاتِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَوَجَدْت مَكْتُوبًا بِخَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمَرْحُومِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ الَّذِي بِنُسْخَتِي مِنْ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ يَقُومُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ يَقْعُدُ انْتَهَى بِلَفْظِهِ اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي نُسْخَتِهِ سَقْطًا؛ لِأَنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَيْهَا وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ يَقُومُ، ثُمَّ يَقْعُدُ، وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ ذَلِكَ) خَبَرٌ عَنْ مَا فِي قَوْلِهِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ أَيْ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ فِي قِرَاءَةِ آيِ السَّجْدَةِ كُلِّهَا فِي مَجْلِسٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْدَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِخِلَافِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>