للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ آخِرُ الْوَقْتِ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْأَرْبَعِ أَوْ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ الْوَقْتِ، وَهُوَ قَدْرُ مَا يَسَعُ التَّحْرِيمَةَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مُقِيمًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَرَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إنْ أَدَّى آخِرَهُ وَإِلَّا فَكُلُّ الْوَقْتِ هُوَ السَّبَبُ لِيَثْبُتَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَفَائِدَةُ إضَافَتِهِ إلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ اعْتِبَارُ حَالِ الْمُكَلَّفِ فِيهِ فَلَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَأَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَكْثَرِ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ قَدْ صَلَّاهَا فِي أَوَّلِهِ وَبِعَكْسِهِ لَوْ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ فِيهِ لَمْ يَجِبْ لِفَقْدِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَفَائِدَةُ إضَافَتِهِ إلَى الْكُلِّ عِنْدَ خُلُوِّهِ مِنْ الْأَدَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ عَصْرِ الْيَوْمِ وَقْتَ التَّغَيُّرِ فِي الْيَوْمِ الْآتِي، وَلَوْ كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ لَجَازَ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِلُبِّ الْأُصُولِ مُخْتَصَرِ تَحْرِيرِ الْأُصُولِ وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلُ الْوَقْتِ فِي وُجُوبِهَا

وَاعْتَبَرَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّبَبِيَّةِ الْجُزْءُ الَّذِي يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهِ، وَاخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ جُعِلَ سَبَبًا لِيُؤَدِّيَ فِيهِ فَإِذَا تَأَخَّرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبَقِيَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الرَّكْعَتَيْنِ يُجْعَلُ سَبَبًا فَيَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِقْدَارُ ذَلِكَ كَانَ السَّبَبُ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَهُوَ كَانَ مُقِيمًا حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّهُ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا إذَا أَقَامَ الْمُسَافِرُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْمُصَفَّى فَيَحْتَاجُ زُفَرُ إلَى الْفَرْقِ قَيَّدْنَا بِعَدَمِ الْأَدَاءِ أَوَّلَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى صَلَاةَ السَّفَرِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ، وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ خَرَجَ إلَى السَّفَرِ وَصَلَّى الْعَصْرَ فِي سَفَرِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ شَيْئًا فِي مَنْزِلِهِ فَرَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا، وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ اهـ.

قَيَّدَ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الصَّوْمِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكَوْنِهِ مِعْيَارًا.

(قَوْلُهُ وَالْعَاصِي كَغَيْرِهِ) أَيْ فِي التَّرَخُّصِ بِرُخَصِ الْمُسَافِرِ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ، وَلِأَنَّ السَّفَرَ الْمُوجِبَ لِلرُّخَصِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ إنَّمَا هُوَ فِيمَا جَاوَرَهُ كَخُرُوجِهِ عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ أَوْ عَاصِيًا عَلَى الْإِمَامِ أَوْ آبِقًا مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ بِلَا مَحْرَمٍ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَاطِعًا لِلطَّرِيقِ وَقَدْ تَكُونُ بَعْدَهُ كَمَا إذَا خَرَجَ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْجِهَادِ ثُمَّ قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَالْقُبْحُ الْمُجَاوِرُ لَا يَعْدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ أَصْلًا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ فَصَلَحَ السَّفَرُ مَنَاطًا لِلرُّخْصَةِ.

(قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ مِنْ الْأَصْلِ دُونَ التَّبَعِ أَيْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْجُنْدِيِّ) تَفْسِيرٌ لِلتَّبَعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ دُونَ التَّبَعِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ التَّبَعَ الْإِتْمَامُ إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِنِيَّةِ الْمَتْبُوعِ كَمَا فِي تَوَجُّهِ الْخِطَابِ الشَّرْعِيِّ وَعَزْلِ الْوَكِيلِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ كَالْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ، وَهُوَ أَحْوَطُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِي لُزُومِ الْحُكْمِ قَبْلَ الْعِلْمِ حَرَجًا وَضَرَرًا، وَهُوَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُلْجَإٍ إلَى الْبَيْعِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَ فَيُمْكِنُهُ دَفْعُ الضَّرَرِ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ الْبَيْعِ فَإِذَا بَاعَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ أَمْرِهِ وَلَحِقَهُ ضَرَرٌ كَانَ الضَّرَرُ نَاشِئًا مِنْ جِهَتِهِ مِنْ وَجْهٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ مِنْ وَجْهٍ فَيَصِحُّ الْعَزْلُ حُكْمًا لَا قَصْدًا وَهَاهُنَا التَّبَعُ مَأْمُورٌ بِقَصْرِ صَلَاتِهِ مَنْهِيٌّ عَنْ إتْمَامِهَا فَكَانَ مُضْطَرًّا فَلَوْ صَارَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِإِقَامَةِ الْأَصْلِ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ لَحِقَهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَأَنَّهُ مَنْفِيٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَمَّ مَوْلَاهُ فِي السَّفَرِ فَنَوَى الْمَوْلَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ

ــ

[منحة الخالق]

يُوجَدَ نَقْلٌ دَالٌّ عَلَى وُجُودِ الْخِلَافِ فِيمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[قَضَاء فَائِتَةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ]

(قَوْلُهُ قَالُوا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَمُقِيمًا فِي الْعَصْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>