للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَارِجُ هُوَ عِنْدَنَا دَاعٍ لَا مَانِعٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَتِمُّ إذْ يَحْصُلُ بِاسْتِفْرَاغِ مَا فِي الْبَاطِنِ تَمَامُ النَّظَافَةِ وَالْأَمَانِ مِنْ تَلْوِيثِ الْكَفَنِ عِنْدَ حَرَكَةِ الْحَامِلِينَ لَهُ فَعِنْدَنَا الْمَاءُ الْحَارُّ أَفْضَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْحُرْضُ أُشْنَانٌ غَيْرُ مَطْحُونٍ وَالْمَغْلِيُّ مِنْ الْإِغْلَاءِ لَا مِنْ الْغَلْيِ وَالْغَلَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقَرَاحُ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ مَا ذُكِرَ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْخَالِصُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الطَّهَارَةُ وَيَحْصُلُ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَغَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اسْتِخْلَاصِ الْوَسَخِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِالصَّابُونِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ وَالْخِطْمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ نَبْتٌ يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ الْفَتْحَ لَا غَيْرُ. وَالْمُرَادُ بِهِ خِطْمِيٍّ الْعِرَاقِ.

(قَوْلُهُ وَأُضْجِعَ عَلَى يَسَارِهِ فَيُغَسَّلُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْبُدَاءَةُ مِنْ الْمَيَامِنِ وَالْمُرَادُ بِمَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ الْجَنْبَ الْمُتَّصِلَ بِالتَّخْتِ وَالتَّخْتُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يُوهِمُ أَنَّ غَسْلَ مَا يَلِي التَّحْتَ مِنْ الْجَنْبِ لَا الْجَنْبَ الْمُتَّصِلَ بِالتَّخْتِ أَمَّا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ يُفْهَمُ الْجَنْبُ الْمُتَّصِلُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ مِنْ جَوَازِ الْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ أُجْلِسَ مُسْنَدًا إلَيْهِ وَمُسِحَ بَطْنُهُ رَفِيقًا، وَمَا خَرَجَ مِنْهُ غَسَلَهُ) تَنْظِيفًا لَهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ غُسْلَهُ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ وَأُضْجِعَ عَلَى يَسَارِهِ فَيُغَسَّلُ الثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْغَسْلَةَ الثَّالِثَةَ تَمَامَ السُّنَّةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ بَعْدَ إقْعَادِهِ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَيَغْسِلُهُ؛ لِأَنَّ التَّثْلِيثَ مَسْنُونٌ فِي غُسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ وَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ مَغْلِيٌّ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ غَسْلَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِهِمَا قَبْلَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ إجْمَالِيٌّ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْمَاءِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ غَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ مِنْ غَيْرِ تَسْرِيحٍ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَيَغْسِلُهُ وَهَذِهِ مَرَّةٌ ثُمَّ عَلَى الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَهَذِهِ ثَانِيَةٌ ثُمَّ يُقْعِدُهُ وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ فَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ لَكِنْ ذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الْمَرَّةَ الْأُولَى بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ فِيهِ سِدْرٌ أَوْ حُرْضٌ، وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ الَّذِي فِيهِ الْكَافُورُ، وَلَمْ يُفَصِّلْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي مِيَاهِ الْغَسَلَاتِ بَيْنَ الْقَرَاحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَاكِمِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَغْسِلَ الْأُولَيَانِ بِالسِّدْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ كَمِّيَّةَ الصَّبَّاتِ، وَفِي الْمُجْتَبَى يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ إضْجَاعٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ جَازَ.

(قَوْلُهُ، وَلَمْ يُعِدْ غُسْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ، وَقَدْ حَصَلَ مَرَّةً، وَكَذَا لَا تَجِبُ إعَادَةُ وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَيْسَ بِحَدَثٍ

؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَدَثٌ كَالْخَارِجِ فَلَمَّا لَمْ يُؤَثِّرْ الْمَوْتُ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ لَمْ يُؤَثِّرْ الْخَارِجُ وَضَبَطَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ الْغُسْلَ هُنَا بِالضَّمِّ وَفِي الْعِنَايَةِ يَجُوزُ فِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ بَحْثِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ كَغَسْلِ الثَّوْبِ قَالَ وَالضَّابِطُ أَنَّكَ إذَا أَضَفْتَ إلَى الْمَغْسُولِ فَتَحْتَ وَإِذَا أَضَفْتَ إلَى غَيْرِ الْمَغْسُولِ ضَمَمْتَ

(قَوْلُهُ وَنُشِّفَ فِي ثَوْبٍ) كَيْ لَا يَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْمِنْدِيلُ الَّذِي يُمْسَحُ بِهِ الْمَيِّتُ بَعْدَ الْغُسْلِ كَالْمِنْدِيلِ الَّذِي يُمْسَحُ بِهِ الْحَيُّ اهـ. يَعْنِي أَنَّهُ طَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْحَنُوطَ عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ سُنَّةٌ، وَذَكَرَ الرَّازِيّ أَنَّ هَذَا الْجَعْلَ مُسْتَحَبٌّ وَالْحَنُوطُ عِطْرٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَشْيَاءَ طَيِّبَةٍ، وَلَا بَأْسَ بِسَائِرِ الطِّيبِ غَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ اعْتِبَارًا بِالْحَيَاةِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْمُزَعْفَرِ لِلرِّجَالِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ جَهْلُ مَنْ يَجْعَلُ الزَّعْفَرَانَ فِي الْكَفَنِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ فِي زَمَانِنَا.

(قَوْلُهُ وَالْكَافُورَ عَلَى مَسَاجِدِهِ) زِيَادَةٌ فِي تَكْرِمَتِهَا

ــ

[منحة الخالق]

[غَسَلَ الْمَيِّت]

(قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَلَمْ يَقُلْ وَلِحْيَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ شَعْرٍ فِيهَا حَتَّى لَوْ كَانَ أَمْرَدَ أَوْ أَجْرَدَ لَا يُفْعَلُ

(قَوْلُهُ تَنْظِيفًا لَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لَا شَرْطَ حَتَّى لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلِهِ جَازَ لِمَا يَأْتِي؛ وَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا وَكَوْنُهُ مَغْسُولًا وَهَذَا مِمَّا لَا يُتَوَقَّفُ فِيهِ تَأَمَّلْ. اهـ.

أَقُولُ: بَلْ فِيهِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا شَرْطِيَّةَ غُسْلِهِ بِكَوْنِهِ إمَامًا مِنْ وَجْهٍ وَهَذَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ طَهَارَتِهِ وَلِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُغَسَّلْ، وَلَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَسَيَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ " وَشَرْطُهَا إسْلَامُ الْمَيِّتِ وَطَهَارَتُهُ " أَنَّ طَهَارَةَ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَالْبَدَنِ شَرْطٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ جَمِيعًا (قَوْلُهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ) عَبَّرَ فِي الْمِعْرَاجِ بِقَوْلِهِ فَبَعِيدٌ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ الْغَسْلَاتِ مُرَتَّبَةً كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ فِي مِيَاهِهَا بَيْنَ الْقَرَاحِ وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>