للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْفَرْضُ يَتَغَيَّرُ فِي كُلِّ عَشْرٍ مِنْ تَبِيعٍ إلَى مُسِنَّةٍ) بِهَذَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذًا حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ، وَلَا خِلَافَ فِيمَا فِي الْمُخْتَصَرِ إلَّا فِي قَوْلِهِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَبِحِسَابِهِ فَفِيهِ رِوَايَاتٌ عَنْ الْإِمَامِ فَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ فَيَجِبُ فِي الزَّائِدِ إذَا كَانَ وَاحِدَةً جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ إلَى خَمْسِينَ فَفِي الْخَمْسِينَ مُسِنَّةٌ وَرُبْعُ مُسِنَّةٍ أَوْ ثُلُثُ تَبِيعٍ، وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ إلَى سِتِّينَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ رِوَايَةُ أَسَدٍ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ

وَفِي جَامِعِ الْفِقْهِ قَوْلُهُمَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى الْقُدُورِيِّ، وَسُمِّيَ الْحَوْلِيُّ مِنْ أَوْلَادِ الْبَقَرِ بِالتَّبِيعِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ بَعْدُ، وَالْمُسِنُّ مِنْ الْبَقَرِ وَالشَّاءِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ، وَمِنْ الْإِبِلِ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ ثُمَّ لَا يَتَعَيَّنُ الْأُنُوثَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَا فِي الْغَنَمِ بِخِلَافِ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ فَضْلًا فِيهِمَا بِخِلَافِ الْإِبِلِ، وَفِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الزِّيَادَاتِ: لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ عِجَافًا فَعَلَيْهِ مُسِنَّةٌ بِقَدْرِهِنَّ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ التَّبِيعِ الْوَسَطِ وَقِيمَةِ الْمُسِنَّةِ الْوَسَطِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ التَّبِيعِ أَرْبَعِينَ، وَقِيمَةُ الْمُسِنَّةِ خَمْسِينَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسِنَّةَ مِثْلُ تَبِيعٍ وَرُبْعِ تَبِيعٍ فَعَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْ أَفْضَلِهِنَّ وَرُبْعُ الَّتِي تَلِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَفْضَلِهِنَّ ثَلَاثِينَ، وَقِيمَةُ الَّتِي تَلِيهَا عِشْرِينَ فَعَلَيْهِ مُسِنَّةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَعَلَى هَذَا تَجْرِي الْمَسَائِلُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْجَامُوسُ كَالْبَقَرِ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُهُمَا؛ إذْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهُ فَيَكْمُلُ نِصَابُ الْبَقَرِ بِهِ وَتَجِبُ فِيهِ زَكَاتُهَا وَعِنْدَ الِاخْتِلَاطِ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ أَغْلِبْهَا إنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيَأْخُذُ أَعْلَى الْأَدْنَى وَأَدْنَى الْأَعْلَى، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْبَقَرِ فَأَكَلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ أَوْهَامَ النَّاسِ لَا تَسْبِقُ إلَيْهِ فِي دِيَارِنَا لِقِلَّتِهِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ الْأَكْلِ مِنْ الْأَيْمَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْبَقَرِ فَأَكَلَ لَحْمَ الْجَامُوسِ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمَ الْجَامُوسِ فَأَكَلَ لَحْمَ الْبَقَرِ لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا أَصَحُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْفَصْلَيْنِ لِلْعُرْفِ اهـ.

فَعَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ كَانَ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَالْجَامُوسِ عَامًّا فِي الْأَيْمَانِ أَيْضًا وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَالْجَوَامِيسُ بِمَنْزِلَةِ الْبَقَرِ؛ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَقَرًا فَاشْتَرَى جَامُوسًا يَحْنَثُ بِخِلَافِ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِخِلَافِ الْجِنْسِ كَالْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ

وَإِنْ أَلِفَتْ فِيمَا بَيْنَنَا لَا يَلْتَحِقُ بِالْأَهْلِيِّ حُكْمًا حَتَّى يَبْقَى حَلَالَ الْأَكْلِ فَكَذَا الْبَقَرُ الْوَحْشِيُّ. اهـ.

وَالْحَقُّ مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي التَّبْيِينِ وَقَوْلُهُ وَالْجَامُوسُ كَالْبَقَرِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَقَرٍ اهـ.

وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْعُرْفِ لَيْسَ بِبَقَرٍ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي التَّغَايُرِ الْمُقْتَضِي لِصِحَّةِ التَّشْبِيهِ، وَعِبَارَةُ الْوَلْوَالِجِيِّ أَحْسَنُ، وَهِيَ وَالْجَوَامِيسُ مِنْ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

(فَصْلٌ فِي الْغَنَمِ) سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا آلَةُ الدِّفَاعِ فَكَانَتْ غَنِيمَةً لِكُلِّ طَالِبٍ (قَوْلُهُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ، وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الشَّاةَ تَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَفِي الْمُحِيطِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأُمُّ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً حَتَّى وَجَبَتْ فِيهَا شَاةٌ لَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يُفَرِّقَهَا فَيَجْعَلَهَا أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ فَيَأْخُذَ ثَلَاثَ شِيَاهٍ؛ لِأَنَّ بِاتِّحَادِ الْمِلْكِ صَارَ الْكُلُّ نِصَابًا وَلَوْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً حَتَّى لَمْ يَجِبْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْعُرْفِ لَيْسَ بِبَقَرٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِي كَلَامِهِ مُضَافًا مَحْذُوفًا أَيْ وَحُكْمُ الْجَامُوسِ كَالْبَقَرِ فَلَا إشْكَالَ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَ حُكْمِهِمَا وَاحِدًا لَا يَدْفَعُ إيهَامَ أَنَّهُمَا نَوْعَانِ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَأَمَّلْ.

[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْغَنَمِ]

(فَصْلٌ فِي الْغَنَمِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>