للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِمَا شَيْءٌ» وَالْمَقَادِيرُ ثَبَتَتْ سَمَاعًا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حِينَئِذٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْحُمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ) الْحُمْلَانِ بِضَمِّ الْحَاءِ، وَفِي الدِّيوَانِ بِكَسْرِهَا جَمْعُ حَمَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَلَدُ الشَّاةِ وَالْفُصْلَانِ جَمْعُ فَصِيلٍ وَلَدُ النَّاقَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ ابْنَ مَخَاضٍ وَالْعَجَاجِيلُ جَمْعُ عُجُولٍ بِمَعْنَى عِجْلٍ، وَلَدُ الْبَقَرَةِ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الصِّغَارِ مِنْ السَّوَائِمِ قَوْلُهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، وَفِي الْمُحِيطِ تَكَلَّمُوا فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ بِدُونِ مُضِيِّ الْحَوْلِ وَبَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ تَبْقَ صِغَارًا، قِيلَ: إنَّ صُورَتَهَا أَنَّ الْحَوْلَ هَلْ يَنْعَقِدُ عَلَى هَذِهِ الصِّغَارِ بِأَنْ مَلَكَهَا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهَا هَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْقَ صِغَارًا، وَقِيلَ صُورَتُهَا إذَا كَانَتْ لَهَا أُمَّهَاتٌ فَمَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ، وَبَقِيَتْ الْأَوْلَادُ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهَا، وَهِيَ صِغَارٌ هَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا أَمْ لَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْمَسَانِّ كَمَا قَالَ زُفَرُ أَجْحَفْنَا بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَلَوْ أَوْجَبْنَا فِيهَا شَاةً أَضْرَرْنَا بِالْفُقَرَاءِ فَأَوْجَبْنَا وَاحِدَةً مِنْهَا اسْتِدْلَالًا بِالْمَهَازِيلِ، وَإِنَّ نُقْصَانَ الْوَصْفِ لَمَّا أَثَّرَ فِي تَخْفِيفِ الْوَاجِبِ لَا فِي إسْقَاطِهِ فَكَذَلِكَ فِي إسْقَاطِ السِّنِّ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ النَّصَّ أَوْجَبَ لِلزَّكَاةِ أَسْنَانًا مُرَتَّبَةً، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الصِّغَارِ اهـ.

وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ النُّوقِ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ تُصَوَّرْ خَمْسَةً؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَوْجَبَ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الصِّغَارِ كَبِيرٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ فَتَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَعَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ حَمَلًا مُسِنٌّ تَجِبُ وَيُؤْخَذُ الْمُسِنُّ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ اهـ.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ لَهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ حَمَلًا وَمُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمُسِنَّةُ وَسَطًا أُخِذَتْ، وَإِنْ كَانَتْ جَيِّدَةً لَمْ تُؤْخَذْ، وَيُؤَدِّي صَاحِبُ الْمَالِ شَاةً وَسَطًا، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ الْوَسَطِ لَمْ يَجِبْ إلَّا هَذِهِ فَإِنْ هَلَكَتْ الْكَبِيرَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ بَطَلَ الْوَاجِبُ كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الصِّغَارَ كَانَتْ تَبَعًا لِلْكِبَارِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ فِي الْبَاقِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ حَمَلٍ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ عَلَى الْحَمَلِ إنَّمَا وَجَبَ بِاعْتِبَارِ الْكَبِيرَةِ فَبَطَلَ بِهَلَاكِهَا وَإِذَا هَلَكَ الْكُلُّ إلَّا الْكَبِيرَةَ فَإِنَّ فِيهَا جُزْءًا مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ مُسِنَّةٍ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَصِيلًا وَبِنْتُ مَخَاضٍ سَمِينَةٌ أَوْ وَسَطٌ وَكَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ عُجُولًا، وَفِيهَا مُسِنَّةٌ أَوْ تَبِيعَةٌ ثُمَّ الْأَصْلُ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِي حَالِ اخْتِلَاطِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ الْوَاجِبُ فِي الْكِبَارِ مَوْجُودًا كَمَا إذَا كَانَ لَهُ مُسِنَّتَانِ وَمِائَةٌ وَتِسْعَةَ عَشَرَ حَمَلًا؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ مُسِنَّتَانِ فِي قَوْلِهِمَا: أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مُسِنَّةٌ وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ حَمَلًا يَجِبُ مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ مُسِنَّةٌ وَحَمَلٌ، وَكَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ عُجُولًا وَتَبِيعٌ حَيْثُ يُؤْخَذُ التَّبِيعُ فَحَسْبُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُجْزِئُ فِي الْوُجُوبِ غَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُؤْخَذُ التَّبِيعُ وَعِجْلٌ مَعَهُ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْعَلُوفَةِ وَالْعَوَامِلِ) لِلْحَدِيثِ «لَيْسَ فِي الْحَوَامِلِ وَالْعَوَامِلِ وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ» وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي، وَدَلِيلُهُ الْإِسَامَةُ أَوْ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ أَوْ؛ لِأَنَّ فِي الْعَلُوفَةِ تَتَرَاكَمُ الْمُؤْنَةُ فَيَنْعَدِمُ النَّمَاءُ مَعْنًى، وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الزَّكَاةِ عَنْ الْعَلُوفَةِ زَكَاةُ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ وَجَبَتْ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ، وَالْمُرَادُ بِنَفْيِهَا عَنْ الْعَوَامِلِ التَّعْمِيمُ وَالْعَلُوفَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَا يُعْلَفُ مِنْ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ وَالْعُلُوفَةُ بِالضَّمِّ جَمْعُ عَلَفٌ يُقَالُ عَلَفْت الدَّابَّةَ، وَلَا يُقَالُ: أَعَلَفْتهَا وَالدَّابَّةُ مَعْلُوفَةٌ وَعَلِيفُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ إبِلٌ عَوَامِلُ يَعْمَلُ بِهَا فِي السَّنَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَيُسَمِّنُهَا فِي الْبَاقِي يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجِبَ فِيهَا الزَّكَاةُ

(قَوْلُهُ: وَلَا فِي الْعَفْوِ)

ــ

[منحة الخالق]

[زَكَاة الْحُمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ]

) (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) قَالَ فِي النَّهْرِ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ عَلَى التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلنِّزَاعِ حَيْثُ يُوجَدُ الْوَاجِبُ، وَهُوَ الطَّعْنُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>