للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْخُذُونَ مِنَّا لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَمْ يَزَلْ عَفْوًا، وَهُوَ لِلنَّفَقَةِ عَادَةً فَأَخْذُهُمْ مِنَّا مِنْ مِثْلِهِ ظُلْمٌ وَخِيَانَةٌ، وَلَا مُتَابَعَةَ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى عَرَفْنَا مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا أُخِذَ مِنْهُمْ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ نَعْرِفْ أُخِذَ مِنْهُمْ الْعُشْرُ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنْ أَعْيَاكُمْ فَالْعُشْرُ وَإِنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْكُلَّ نَأْخُذُ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ إلَّا قَدْرَ مَا يُوصِلُهُ إلَى مَأْمَنِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنَّا لَا نَأْخُذُ مِنْهُمْ لِيَسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّا أَحَقُّ بِالْمَكَارِمِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَأَخْذِهِمْ مِنَّا؛ لِأَنَّهُ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ أَنَّ الْعَاشِرَ لَا يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ الْحَرْبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَمْوَالِ صِبْيَانِنَا شَيْئًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُثْنِ فِي حَوْلٍ بِلَا عَوْدٍ) أَيْ بِلَا عَوْدٍ إلَى دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِئْصَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَمَانِ، وَقَدْ اسْتَفَادَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ عَادَ الْحَرْبِيُّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَاشِرُ ثُمَّ خَرَجَ ثَانِيًا لَمْ يَأْخُذْهُ بِمَا مَضَى؛ لِأَنَّ مَا مَضَى سَقَطَ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ، وَلَوْ مَرَّ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا ثُمَّ عَلِمَ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي يُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ ثَبَتَ وَالْمُسْقِطُ لَمْ يُوجَدْ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَعُشْرُ الْخَمْرِ لَا الْخِنْزِيرِ) أَيْ أَخَذَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَةِ الْخَمْرِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَعُشْرِ قِيمَتِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْعُشْرُ بِتَمَامِهِ مِنْهُمَا، وَلَا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ عَيْنِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِرَابِهَا، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الظَّاهِرِ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ لَهَا حُكْمُ الْعَيْنِ، وَالْخِنْزِيرُ مِنْهَا، وَفِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لَيْسَ لَهَا هَذَا الْحُكْمُ، وَالْخَمْرُ مِنْهَا وَلِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ مِنْهَا لِلْحِمَايَةِ وَالْمُسْلِمُ يَحْمِي خَمْرَ نَفْسِهِ لِلتَّخْلِيلِ فَكَذَا يَحْمِيهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَحْمِي خِنْزِيرٌ نَفْسَهُ بَلْ يَجِبُ تَسْيِيبُهُ بِالْإِسْلَامِ فَكَذَا لَا يَحْمِيهِ عَلَى غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ الْمَهْرِ مَا أُورِدَ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَجَوَابُهُ، وَفِي الْغَايَةِ تُعْرَفُ قِيمَةُ الْخَمْرِ بِقَوْلِ فَاسِقَيْنِ تَابَا أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَسْلَمَا، وَفِي الْكَافِي يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ اهـ.

قَيَّدْنَا بِخَمْرِ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْعَاشِرَ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ إذَا مَرَّ بِالْخَمْرِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْفَوَائِدِ وَقَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَبْسُوطِ وَإِلَّا قَطَعَ بِأَنْ يَمُرَّ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِلتِّجَارَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ عُمَرَ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا، وَفِي الْمِعْرَاجِ قَوْلُهُ مَرَّ ذِمِّيٌّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَيْ مَرَّ بِهِمَا بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ وَهُمَا يُسَاوَيَانِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِعَايَةِ الشُّرُوطِ فِي حَقِّهِ اهـ.

وَجُلُودُ الْمَيْتَةِ كَالْخَمْرِ فَإِنَّهُ كَانَ مَالًا فِي الِابْتِدَاءِ وَيَصِيرُ مَالًا فِي الِانْتِهَاءِ بِالدَّبْغِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي بَيْتِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخِنْزِيرِ أَيْ لَا يُعَشَّرُ الْمَالُ الَّذِي فِي بَيْتِهِ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ شُرُوطِهِ مُرُورَهُ بِالْمَالِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَالْبِضَاعَةِ) أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْبِضَاعَةِ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْهُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْبِضَاعَةُ قِطْعَةٌ مِنْ الْمَالِ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَا يَدْفَعُهُ الْمَالِكُ لِإِنْسَانٍ يَبِيعُ فِيهِ، وَيَتَّجِرُ لِيَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ: وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَكَسْبِ الْمَأْذُونِ) أَيْ لَا يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْ الْمُضَارِبِ وَالْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمَا، وَلَا نِيَابَةَ مِنْ الْمَالِكِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رَبِحَ عُشْرَ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا لَمَلَكَ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ كَانَ مَوْلَى الْمَأْذُونِ مَعَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ عِنْدَهُ، وَلِلشَّغْلِ عِنْدَهُمَا

(قَوْلُهُ: وَثَنَّى إنْ عَشَّرَ الْخَوَارِجُ) أَيْ أَخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا إنْ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْخَوَارِجِ فَعَشَّرُوهُ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ مَرَّ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرُوا عَلَى مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

[بَابُ الرِّكَازِ]

(بَابُ الرِّكَازِ) هُوَ الْمَعْدِنُ أَوْ الْكَنْزُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَرْكُوزٌ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الرَّاكِزُ وَشَيْءٌ رَاكِزٌ ثَابِتٌ كَذَا فِي

ــ

[منحة الخالق]

الْعُمَّالُ الْيَوْمَ مِنْ الْأَخْذِ عَلَى رَأْسِ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ خَارِجًا عَنْ الْجِزْيَةِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ زِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

[زَكَاة الْخَمْر وَالْخِنْزِير]

(بَابُ الرِّكَازِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>