للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَبْضَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ دَفَعَ الصَّغِيرُ إلَى وَلِيِّهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْعَقْلِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَرْمِي بِهِ، وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ

(قَوْلُهُ وَأَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا وَفَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ) بِالْجَرِّ أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا، وَلَا إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْ الْمِلْكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا قَدَّمَهُ فِي تَعْرِيفِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ مِلْكِهِ رَقَبَةً وَمَنْفَعَةً، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ الْإِخْرَاجُ عَنْ مِلْكِهِ مَنْفَعَةً وَإِنْ وَجَدَ رَقَبَةً، وَفِي عَبْدِهِ وُجِدَ الْإِخْرَاجُ مَنْفَعَةً لَا رَقَبَةً كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الزَّكَاةَ بَلْ كُلُّ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لَهُمْ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالنُّذُورِ، وَقُيِّدَ بِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْقَرَابَةِ يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُمْ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ مَعَ الصَّدَقَةِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ الْفُقَرَاءِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: يَبْدَأُ فِي الصَّدَقَاتِ بِالْأَقَارِبِ ثُمَّ الْمَوَالِي ثُمَّ الْجِيرَانِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ: لَا تُقْبَلُ صَدَقَةُ الرَّجُلِ، وَقَرَابَتُهُ مَحَاوِيجُ فَيَسُدُّ حَاجَتَهُمْ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ دَفَعَ إلَى أُخْتِهِ، وَلَهَا مَهْرٌ عَلَى زَوْجِهَا الْمُوسِرِ يَبْلُغُ نِصَابًا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَحِلُّ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى احْتِيَاطًا

وَلَوْ دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِبِ جَازَ إذَا لَمْ يَحْتَسِبْهَا مِنْ النَّفَقَةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ: دَفَعَ زَكَاتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَى أَخِيهِ ثُمَّ مَاتَ، وَهُوَ وَارِثُهُ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا ثُمَّ رَقَمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَنْ أَوْصَى بِالْحَجِّ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى قَرِيبِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ كَذَا هَذَا ثُمَّ رَقَمَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ لَكِنْ لِلْوَرَثَةِ الرَّدُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ اهـ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَأَطْلَقَ فِي فَرْعِهِ فَشَمِلَ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ وَغَيْرَهُ إذَا كَانَ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهِ فَلَا يَدْفَعُ إلَى الْمَخْلُوقِ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا، وَلَا إلَى أُمِّ وَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ وَخَرَجَ وَلَدُ الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ ثُمَّ جَاءَ الْأَوَّلُ حَيًّا فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ الْأَوْلَادُ لِلْأَوَّلِ، وَمَعَ هَذَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاةِ الْأَوَّلِ إلَيْهِمْ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لِعَدَمِ الْفَرْعِيَّةِ ظَاهِرًا وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ لَا يَجُوزَ لِلثَّانِي دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ لِوُجُودِ الْفَرْعِيَّةِ حَقِيقَةً، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلثَّانِي الدَّفْعُ إلَيْهِمْ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَرُوِيَ رُجُوعُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعَلَيْهِ فَلِلْأَوَّلِ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ دُونَ الثَّانِي، وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلَّكِ أَنَّ خُمُسَ الْمَعَادِنِ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لَا تُغْنِيهِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ نَفْسِهِ كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَقُيِّدَ بِالصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ الْأَوْلَى دَفْعُهَا إلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

[دَفْعُ الزَّكَاة لِلزَّوْجَةِ]

(قَوْلُهُ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجِهَا) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لِزَوْجَتِهِ، وَلَا دَفْعُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَفِي دَفْعِهَا لَهُ خِلَافُهُمَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَكِ أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ» قَالَهُ لِامْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَدْ سَأَلَتْهُ عَنْ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ، قُلْنَا: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّافِلَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَطْلَقَ الزَّوْجَةَ فَشَمِلَ الزَّوْجَةَ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ بَائِنٍ، وَلَوْ بِثَلَاثٍ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي شَهَادَة أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ تُعْتَبَرُ الزَّوْجِيَّةُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَفِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَقْتَ الْهِبَةِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَفِي الْإِقْرَارِ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الِاعْتِبَارُ لِوَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَفِي الْحُدُودِ يُعْتَبَرُ كِلَا الطَّرَفَيْنِ حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ اخْتَصَمَهَا لَمْ يُقْطَعْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا لِوَقْتِ الْحُكْمِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: رَجُلٌ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ بِالْأَدَاءِ فَأَعْطَى الْوَكِيلُ وَلَدَ نَفْسِهِ الْكَبِيرَ أَوْ الصَّغِيرَ

ــ

[منحة الخالق]

سَهْوٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا دَفَعَهُ نَاوِيًا الزَّكَاةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>