للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ امْرَأَتَهُ وَهُمْ مَحَاوِيجُ جَازَ، وَلَا يُمْسِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَالَ لَهُ: ضَعْهُ حَيْثُ شِئْت لَهُ أَنْ يُمْسِكَ لِنَفْسِهِ اهـ

[دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ]

(قَوْلُهُ وَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى هَؤُلَاءِ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ أَصْلًا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَلِعَدَمِ تَمَامِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ؛ وَلِذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ مُكَاتَبِهِ لَمْ يَجُزْ بِمَنْزِلَةِ تَزَوُّجِهِ بِأَمَةِ نَفْسِهِ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ وَإِذَا كَانَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ لِغَيْرِهِ فَقَدْ قُدِّمَ أَنَّ الدَّفْعَ لِمُكَاتَبِ الْغَيْرِ هُوَ الْمُرَادُ بِالرِّقَابِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ هُنَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مُعْتَقَ بَعْضِهِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَاخْتَارَ السَّاكِتُ الِاسْتِسْعَاءَ فَلِلْمُعْتَقِ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ لِشَرِيكِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبُهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ وَلَدَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِمُكَاتَبِ الْوَلَدِ غَيْرُ جَائِزٍ كَالدَّفْعِ لِابْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَاخْتَارَ السَّاكِتُ تَضْمِينَهُ فَلِلسَّاكِتِ الدَّفْعُ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُعْتَقِ الدَّفْعُ إذَا اخْتَارَ اسْتِسْعَاءَهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبُهُ لِمَا أَنَّهُ بِالضَّمَانِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إعْتَاقِ الْبَاقِي أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ

[دَفْعُ الزَّكَاةِ لَغَنِيّ يَمْلِكُ نِصَابًا]

(قَوْلُهُ: وَغَنِيٍّ يَمْلِكُ نِصَابًا) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَشْهُورِ «خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ» أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ النِّصَابَ النَّامِيَ السَّالِمَ مِنْ الدَّيْنِ الْفَاضِلَ عَنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الْمُوجِبَ لِكُلِّ وَاجِبٍ مَالِيٍّ، وَالنِّصَابَ الَّذِي لَيْسَ بِنَامٍ الْفَارِعَ عَمَّا ذَكَرَ الْمُوجِبَ لِثَلَاثَةٍ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحَرِّمٌ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْغَنِيُّ بِقُوتِ يَوْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا وَتَسْمِيَةُ الشَّارِحِينَ لَهُ نِصَابًا وَجَعْلُهُمْ النُّصُبِ ثَلَاثَةً مَجَازٌ؛ لِمَا فِي الصِّحَاحِ: النِّصَابُ مِنْ الْمَالِ الْقَدْرُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَهُ نَحْوَ مِائَتِي دِرْهَمٍ وَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ؛ إذْ لَيْسَ قُوتُ الْيَوْمِ مُقَدَّرًا لَكِنْ فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ نِصَابُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ، وَمِنْهُ النِّصَابُ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي إطْلَاقَ النِّصَابِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً؛ إذْ قُوتُ الْيَوْمِ أَصْلُ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ فَارِغًا عَنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا بِهَا حَلَّتْ لَهُ فَتَحِلُّ لِمَنْ مَلَكَ كُتُبًا تُسَاوِي نِصَابًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا لِلْحَاجَةِ لَا إنْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِهَا أَوْ كَانَ جَاهِلًا، وَالْفَقِيهُ غَنِيٌّ بِكُتُبِهِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَيَجِبُ بَيْعُهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْحَبْسِ مِنْ الْقَضَاءِ، وَيَحِلُّ لِمَنْ لَهُ دُورٌ وَحَوَانِيتُ تُسَاوِي نُصُبًا، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِغَلَّتِهَا لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَلِمَنْ عِنْدَهُ طَعَامُ سَنَةٍ تُسَاوِي نِصَابًا لِعِيَالِهِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ قُوتِهِ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْحَبْسِ وَحُلَّتْ لِمَنْ لَهُ نِصَابٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ مُنَقِّصٌ لِلنِّصَابِ وَحَلَّتْ لِمَنْ لَهُ كِسْوَةُ الشِّتَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّيْفِ، وَلِلْمَزَارِعِ إذَا كَانَ لَهُ ثَوْرَانِ لَا إنْ زَادَ وَبَلَغَ نِصَابًا، وَلَا تَحِلُّ لِمَنْ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي نُصُبًا، وَالْفَاضِلُ عَنْ سُكْنَاهُ يَبْلُغُ نِصَابًا

وَقُيِّدَ بِمِلْكِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَا دُونَهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا إذَا كَانَ قِيمَتُهُ لَا تَبْلُغُ نِصَابًا، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تِسْعَةَ عَشْرَ دِينَارًا تُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ خِلَافُهُ قَالَ: وَقَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ لَهُ تِسْعَةَ عَشْرَ دِينَارًا تُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ هَلْ يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ قَالَ نَعَمْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ، وَقُيِّدَ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ كَمَا لِلْهَاشِمِيِّ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْوَاجِبَةِ كَالْعُشْرِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا لِلْغَنِيِّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَحِلُّ صَدَقَةٌ لِغَنِيٍّ» خَرَجَ النَّفَلُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا صَدَقَةُ الْوَقْفِ فَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ إنْ سَمَّاهُمْ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا

وَفَرَّعُوا عَلَى مَنْعِ دَفْعِ الزَّكَاةِ لِلْغَنِيِّ مَا لَوْ دَفَعَ قَوْمٌ زَكَاتَهُمْ إلَى مَنْ يَجْمَعُهَا لِفَقِيرٍ فَاجْتَمَعَ عِنْدَ الْآخِذِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ جَمْعُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ قَالُوا:

ــ

[منحة الخالق]

[دَفْعُ الزَّكَاة إلَى الْأَب وَالْجَدّ أَوْ الو لَدِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ]

(قَوْلُهُ: وَلَا تَحِلُّ لِمَنْ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي نُصُبًا إلَخْ) هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي الْبَقَّالِيِّ وَأَطْلَقَ فِي الْكَشْفِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا كَانَ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ بَاعَهَا وَاشْتَرَى بِأَلْفٍ لَوَسِعَهُ ذَلِكَ لَا آمُرُ بِبَيْعِهَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الصُّغْرَى إذَا كَانَ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ جَمِيعًا مُسْتَحَقَّةً لِحَاجَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَا يَسْكُنُ الْكُلَّ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: قَيَّدْنَا بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ قِيمَتُهُ أَيْ قِيمَةُ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا تُسَاوِي نِصَابًا

<<  <  ج: ص:  >  >>