للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الصُّبْحِ وَصَلَّى بِذَلِكَ الْغُسْلِ كَانَتْ صَلَاةً بِغُسْلٍ عِنْدَ الْحَسَنِ وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لَوْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ اسْتَنَّ بِالسُّنَّةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ قَطْعُ الرَّائِحَةِ اهـ. وَلَمْ يَنْقُلْ خِلَافًا

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَحْصُلَ السُّنَّةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِاشْتِرَاطِهِ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ حَدَثٌ وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الزَّمَانِ حُصُولُ حَدَثٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَسَنِ عَلَى مَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَمَّا عَلَى مَا فِي الْكَافِي فَظَاهِرٌ

وَأَمَّا عَلَى مَا فِي غَيْرِهِ؛ فَلِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا بِطَهَارَةِ الِاغْتِسَالِ فِي الْيَوْمِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْعِيدِ أَوْ عَرَفَةَ وَجَامَعَ ثُمَّ اغْتَسَلَ يَنُوبُ عَنْ الْكُلِّ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ثُمَّ فِي الْبَدَائِعِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غُسْلُ عَرَفَةَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ أَيْضًا يَعْنِي أَنْ يَكُونَ لِلْوُقُوفِ أَوْ لِلْيَوْمِ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلْوُقُوفِ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا ذَهَبَ إلَى اسْتِنَانِهِ لِيَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ عَرَفَاتٍ وَفِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ، فَإِنْ قُلْت هَلْ يَتَأَتَّى هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي غُسْلِ الْعِيدِ أَيْضًا قُلْت يُحْتَمَلُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي مَا ظَفِرْت بِهِ اهـ.

قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلصَّلَاةِ أَيْضًا، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا صَحَّ فِي مُوَطَّإِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْمَجْمَعِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي عَرَفَةَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَنَالُ السُّنَّةَ إلَّا إذَا اغْتَسَلَ فِي نَفْسِ الْجَبَلِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ بِمَا إذَا اغْتَسَلَ خَارِجَهُ لِأَجْلِهِ ثُمَّ دَخَلَهُ. .

(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ لِلْمَيِّتِ) أَيْ الْغُسْلُ فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَجْلِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَافِي فِي الْجَنَائِزِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ خُنْثَى مُشْكِلًا، فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قِيلَ يُيَمَّمُ، وَقِيلَ يُغَسَّلُ فِي ثِيَابِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى دَلِيلُهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِهَذَا الْغُسْلِ النِّيَّةُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِ لَا لِتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ، وَهُوَ وَشَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَنَا فِيهِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَنَائِزِ وَمَا نَقَلَهُ مِسْكِينٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَقِيلَ غُسْلُ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ بَعْدَ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ فَلَا يَقْدَحُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ أَسْلَمَ جُنُبًا، وَإِلَّا نُدِبَ) أَيْ اُفْتُرِضَ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ حَالَ كَوْنِهِ جُنُبًا فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا نُدِبَ إذْ لَوْ كَانَتْ اللَّامُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لَاسْتَوَتْ الْحَالَتَانِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ الْوَافِي أَحْسَنُ وَلَفْظُهُ وَنُدِبَ لِمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَكُنْ جُنُبًا وَإِلَّا لَزِمَ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ، وَهُوَ جُنُبٌ فَقِيلَ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ جَنَابَةٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ يَجِبُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِبَقَاءِ صِفَةِ الْجَنَابَةِ السَّابِقَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الْمَشْرُوطِ بِزَوَالِهَا إلَّا بِهِ فَيُفْتَرَضُ، وَلَوْ حَاضَتْ الْكَافِرَةُ فَطَهُرَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ صِفَةَ الْجَنَابَةِ بَاقِيَةٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَكَأَنَّهُ أَجْنَبَ بَعْدَهُ، وَالِانْقِطَاعُ فِي الْحَيْضِ هُوَ السَّبَبُ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ بَعْدُ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَتْ حَائِضًا ثُمَّ طَهُرَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ

وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ هِيَ بِالْحَيْضِ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ قَالَ قَاضِي خان: وَالْأَحْوَطُ وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ إذَا أَسْلَمَ مُحْدِثًا وَلَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ، فَإِنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ حَالُ الْبُلُوغِ أَوْ إنَّ انْعِقَادَ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ، فَهُوَ كَحَالِ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ اُعْتُبِرَ أَوْ إنْ تَوَجَّهَ الْخِطَابُ حَتَّى اتَّحَدَ زَمَانُهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا وَالْحَيْضُ إمَّا حَدَثٌ أَوْ يُوجِبُ حَدَثًا فِي رُتْبَةِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ كَمَا سَنُحَقِّقُهُ فِي بَابِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَّحِدَ حُكْمُهُ بِاَلَّذِي أَسْلَمَ جُنُبًا، وَجَوَابُهُ أَنَّ السَّبَبَ فِي الْحَيْضِ الِانْقِطَاعُ، وَثُبُوتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِتَحَقُّقِ الْبُلُوغِ بِابْتِدَاءِ الْحَيْضِ كَيْ لَا يَثْبُتَ الِانْقِطَاعُ إلَّا وَهِيَ بَالِغَةٌ. اهـ.

وَهَذَا الْجَوَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ يَصْلُحُ جَوَابًا عَمَّا يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ إذَا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ وَلِقَائِلٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ) أَيْ فِي الْحِلْيَةِ عَلَى الْمُنْيَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ أَقُولُ: وَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ بِسُنِّيَّتِهِ لِلْيَوْمِ لِفَضِيلَتِهِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فِي أَفْضَلِ أَيَّامِ الْعَامِّ تَطْلُقُ يَوْمَ عَرَفَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ مَلَكٍ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَدَارَ بَيْنَ الْأَقْوَامِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ بِأَفْضَلِيَّةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالْعَقْلُ بِخِلَافِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلصَّلَاةِ أَيْضًا) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: فِي الدُّرَرِ لِمُنْلَا خُسْرو مَا لَفْظُهُ وَيُسَنُّ لِصَلَاةِ جُمُعَةٍ وَلِعِيدٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ أَعَادَ اللَّامَ لِئَلَّا يُفْهَمَ كَوْنُهُ سُنَّةً لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لِلْيَوْمِ فَقَطْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّرُورَ فِيهِ عَامٌّ فَيُنْدَبُ فِيهِ التَّنْظِيفُ لِكُلِّ قَادِرٍ عَلَيْهِ صَلَّى أَمْ لَا اهـ.

أَقُولُ: نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ التُّحْفَةِ أَنَّ غُسْلَ الْعِيدَيْنِ فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ.

[الْغُسْل الواجب]

(قَوْلُهُ: وَلَنَا فِيهِ نَظَرٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَنَائِزِ) هُوَ مَا يَنْقُلُهُ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خان مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ اهـ.

قَالَ وَاخْتَارَهُ فِي الْغَايَةِ والإسبيجابي؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْحَيِّ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ فَكَذَا غُسْلُ الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: بِزَوَالِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشْرُوطِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِهِ أَيْ بِالْغُسْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>