للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ يَشْتَرِطُ السَّوْقَ مَعَ اللُّحُوقِ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوَجُّهِ إلَى بَدَنَةِ الْمُتْعَةِ وَلَا يَكْفِي الْبَعْثُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ جَلَّلَهَا أَوْ أَشْعَرَهَا أَوْ قَلَّدَ شَاةً لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا) يَعْنِي وَإِنْ سَاقَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الْحَجِّ فَلَمْ يَقُمْ مَقَامَ التَّلْبِيَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ التَّجْلِيلَ لِدَفْعِ الْأَذَى عَنْهَا، وَالْإِشْعَارُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَنْ يَطْعَنَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فِي السَّنَامِ فَيَسِيلَ الدَّمُ فَلَا يَكُونُ مِنْ النُّسُكِ، وَعِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ حَسَنًا فَقَدْ يُفْعَلُ لِلْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ التَّقْلِيدِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْهَدْيِ وَلِذَا كَانَ التَّقْلِيدُ أَحَبَّ مِنْ التَّجْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّجْلِيلُ حَسَنٌ لِلِاتِّبَاعِ، وَيُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَأَمَّا تَقْلِيدُ الشَّاةِ فَغَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ أَيْضًا فَلَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَلْبِيَةٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ التَّلْبِيَةَ وَحْدَهَا لَا تَكْفِي بِلَا نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ وَالْبُدْنُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ) يَعْنِي لُغَةً وَشَرْعًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْبَدَنَةُ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَإِذَا طُلِبَ مِنْ الْمُكَلَّفِ بَدَنَةٌ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْبَقَرَةِ كَالنَّاقَةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الرَّوَاحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَطْفُهُ الْبَقَرَةَ عَلَى الْبَدَنَةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَعَمِّ بَعْضَ الْأَفْرَادِ وَهُوَ الْجَزُورُ لَا كُلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْبَدَنَةُ اسْمًا لِلْجَزُورِ فَقَطْ لَلَزِمَ النَّقْلُ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَطْفَ فِي الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا، وَلُزُومُ النَّقْلِ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ عَلَى تَقْدِيرِهِ خِلَافَ الْأَصْلِ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ فَتَعَارَضَا فَرَجَّحْنَا مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ لِمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ فَقِيلَ وَالْبَقَرَةُ فَقَالَ وَهَلْ هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ، ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا الْتَزَمَ بَدَنَةً فَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ إذَا كَانَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ كَلَامِهِ فَهُوَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ أَوْ جَزُورٌ فَيَنْحَرُهَا حَيْثُ شَاءَ فِي قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَقِيسُهُ عَلَى الْهَدْيِ، وَهُوَ يَخْتَصُّ بِمَكَّةَ اتِّفَاقًا وَهُمَا قَاسَاهُ عَلَى مَا إذَا الْتَزَمَ جَزُورًا فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَّةَ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ الْقِرَانِ) هُوَ مَصْدَرُ قَرَنَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفِعَالٌ يَجِيءُ مَصْدَرًا مِنْ الثَّلَاثِي كَلِبَاسٍ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُقَالُ قَرَنْت الْبَعِيرَيْنِ إذَا جَمَعْت بَيْنَهُمَا بِحَبْلٍ، وَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ شَرْعًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُحْرِمِينَ أَرْبَعَةٌ مُفْرِدٌ بِالْحَجِّ إنْ أَحْرَمَ بِهِ مُفْرَدًا أَوْ مُفْرِدٌ بِالْعُمْرَةِ إنْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَطَافَ لَهَا كَذَلِكَ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْ لَا أَوْ طَافَ فِيهَا وَلَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَطَافَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْ حَجَّ وَأَلَمَّ بَيْنَهُمَا بِأَهْلِهِ إلْمَامًا صَحِيحًا، وَمُتَمَتِّعٌ إنْ أَتَى بِأَكْثَرِ أَشْوَاطِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِهَا فَقَطْ مُطْلَقًا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ إلْمَامًا صَحِيحًا وَقَارِنٌ إنْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا، أَوْ أَدْخَلَ إحْرَامَ الْحَجِّ عَلَى إحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهَا أَكْثَرَ الْأَشْوَاطِ أَوْ أَدْخَلَ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ إلَى إحْرَامِ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لِلْقُدُومِ وَلَوْ شَوْطًا وَلَا إسَاءَةَ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ قَارِنٌ مُسِيءٌ فِي الثَّالِثِ، وَأَمَّا الْإِحْرَامُ الْمُبْهَمُ كَأَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ مُبْهَمٍ ثُمَّ يَصْرِفَهُ إلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ لَهُمَا الْإِحْرَامُ الْمُعَلَّقُ كَأَنْ يُحْرِمَ بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فَلَيْسَ خَارِجًا عَنْ الْأَرْبَعَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ هُوَ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ) بَيَانٌ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ جَوَازُ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إلَّا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَمْرٍو وَعَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَ يَنْهَيَانِ عَنْ التَّمَتُّعِ، وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى نَهْيِ التَّنْزِيهِ حَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ لَا أَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ بُطْلَانَهُ مَعَ عِلْمِهِمَا بِالْآيَةِ الشَّرِيفَةِ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

[بَابُ الْقِرَانِ]

(بَابُ الْقِرَانِ) (قَوْلُهُ وَطَافَ لَهَا كَذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَوْلُهُ أَوْ طَافَ فِيهَا أَيْ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ مِنْ أَقْسَامِ الْقَارِنِ الثَّلَاثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>