للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فَالْإِتْيَانُ بِالْأَقَلِّ كَالْعَدَمِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ طَافَ لِلْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَمَضَى عَلَيْهِمَا يَجِبُ دَمٌ) يَعْنِي لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَشْرُوعٌ فَصَحَّ الْإِحْرَامُ بِهِمَا، وَأَرَادَ بِهَذَا الطَّوَافِ طَوَافَ الْقُدُومِ، وَهُوَ سُنَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا هُوَ رُكْنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ فَلِهَذَا لَوْ مَضَى عَلَيْهِمَا جَازَ، وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْجَمْعِ، وَهُوَ دَمُ كَفَّارَةٍ وَجَبْرٍ حَتَّى لَا يَأْكُلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي هَذَا الْجَمْعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَنُدِبَ رَفْضُهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَمُ شُكْرٍ، وَهُوَ دَمُ الْقِرَانِ كَمَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَأَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَرْفُضَ الْعُمْرَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ دَمُ شُكْرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْنِ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ إنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ فَيُمْكِنُهُ بِنَاءُ أَفْعَالِ الْحَجِّ عَلَى أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَلَا مُوجِبَ لِلْجَبْرِ. وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَوَّاهُ بِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ مِنْ سُنَنِ نَفْسِ الْحَجِّ بَلْ هُوَ سُنَّةُ قُدُومِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَرَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَلِذَا سَقَطَ بِطَوَافٍ آخَرَ مِنْ مَشْرُوعَاتِ الْوَقْتِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ قَيَّدَ بِالطَّوَافِ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطُفْ لَمْ يُسْتَحَبَّ رَفْضُهَا فَإِذَا رَفَضَهَا يَقْضِيهَا لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِرَفْضِهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ لَزِمَتْهُ، وَلَزِمَهُ الرَّفْضُ وَالدَّمُ وَالْقَضَاءُ) لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ فَلَزِمَتْ لِلْأَوَّلِ، وَلَزِمَ التَّرْكُ تَخَلُّصًا مِنْ الْإِثْمِ، وَإِنْ رَفَضَهَا لَزِمَهُ دَمٌ لِلتَّحَلُّلِ مِنْهَا بِغَيْرِ أَفْعَالِهَا وَوَجَبَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَةُ اللُّزُومِ، وَأَرَادَ بِيَوْمِ النَّحْرِ الْيَوْمَ الَّذِي تُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِيهِ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَلْقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْحَلْقِ وَالطَّوَافِ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ كَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الصَّدْرِ وَسُنَّةِ الْمَبِيتِ، وَقَدْ كُرِهَتْ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْضًا فَيَصِيرُ بَانِيًا أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ بِلَا رَيْبٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا صَحَّ وَيَجِبُ دَمٌ) ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا، وَهُوَ كَوْنُهُ مَشْغُولًا بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ أَفْعَالِ الْحَجِّ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَيَجِبُ تَخْلِيصُ الْوَقْتِ لَهُ تَعْظِيمًا، وَهُوَ لَا يَعْدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ كَفَّارَةً لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ أَوْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَفْعَالِ الْبَاقِيَةِ فَهُوَ دَمُ جَبْرٍ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ كَالْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ فَاتَهُ الْحَجُّ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ: وَمَنْ رَفَضَهَا) ؛ لِأَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَلِبَ إحْرَامُهُ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ فَيَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ فَلَزِمَهُ الرَّفْضُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا أَوْ جَامِعًا بَيْنَ حَجَّتَيْنِ إحْرَامًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ الثَّانِيَةَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ، وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ وَدَمٌ لِلرَّفْضِ بِالتَّحَلُّلِ قَبْلَ أَوَانِهِ، وَقَدْ شَبَّهُوا فَائِتَ الْحَجِّ بِالْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً حَتَّى لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْغَيْرِ بِهِ، وَمُنْفَرِدٌ أَدَاءً حَتَّى تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(بَابُ الْإِحْصَارِ)

هُوَ وَالْفَوَاتُ مِنْ الْعَوَارِضِ النَّادِرَةِ فَأَخَّرَهُمَا، وَقَدَّمَ الْإِحْصَارَ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دُونَ الْفَوَاتِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ فَقِيلَ الْإِحْصَارُ لِلْمَرَضِ وَالْحَصْرُ لِلْعَدُوِّ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَرَضِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْحَصْرُ بِالْعَدُوِّ دَلَالَةً بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْعَدُوِّ حِسِّيٌّ لَا يُتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ الْمُضِيِّ بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَرَضِ إذْ يُمْكِنُ بِالْمَحْمَلِ وَالْمَرْكَبِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ هُوَ الْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ عَجْزٍ أَوْ عَدُوٍّ وَاخْتَارَهُ فِي الْكَشَّافِ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْحَصْرُ الْمَنْعُ مِنْ بَابِ طَلَبَ يُقَال أُحْصِرَ الْحَاجُّ إذَا مَنَعَهُ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ مِنْ الْوُصُولِ لِإِتْمَامِ حَجَّتِهِ أَوْ عُمْرَتِهِ، وَإِذَا مَنَعَهُ سُلْطَانٌ أَوْ مَانِعٌ قَاهِرٌ فِي حَبْسٍ أَوْ مَدِينَةٍ قِيلَ حُصِرَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِي الشَّرِيعَةِ هُوَ مَنْعُ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَنْ يَبْعَثَ شَاةً تُذْبَحُ عَنْهُ فَيَتَحَلَّلُ) لِمَا تَلَوْنَا مِنْ الْآيَةِ، وَأَفَادَ بِذِكْرِ اللَّامِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: كَمَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَكَذَا قَاضِي خَانْ وَالْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ كَمَا فِي الشرنبلالية.

(قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ، وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ جَامِعًا بَيْنَ حَجَّتَيْنِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ حَجَّةٍ.

[بَابُ الْإِحْصَارِ فِي الْحَجّ أَوْ الْعُمْرَة]

(بَابُ الْإِحْصَارِ) .

(قَوْلُهُ: وَفِي الشَّرِيعَةِ هُوَ مَنْعُ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَشْمَلُ الْإِحْصَارَ مِنْ الْعُمْرَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ فَيُزَادُ فِيهِ أَوْ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ. اهـ.

أَيْ يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَعَلَى الْمُعْتَمِرِ أَيْ إذَا أُحْصِرَ عُمْرَةٌ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ فِي الْعُمْرَةِ لَا رُكْنٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا رُكْنٌ إلَّا الطَّوَافُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>