للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعِبَارَةُ النُّقَايَةِ هُنَا أَخْصَرُ، وَأَفْوَدُ حَيْثُ قَالَ: وَالْوَكِيلُ شَاهِدٌ إنْ حَضَرَ مُوَكِّلُهُ كَالْوَلِيِّ إنْ حَضَرَتْ مُوَلِّيَتُهُ بَالِغَةً. اهـ.

وَلِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ رَجُلًا اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَوْ امْرَأَتَانِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ كَذَلِكَ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُوَلِّيَةِ بَالِغَةً؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَكُونُ الْوَلِيُّ شَاهِدًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ إلَيْهَا، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ كَالْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكِيلٌ فَدَخَلَ تَحْتَ الْأَوَّلِ، وَقَيَّدَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ الْمَوْلَى رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ عَبْدِهِ فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ لِعَدَمِ التَّوْكِيلِ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ الْمَوْلَى وَرَجُلٍ آخَرِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْمَوْلَى شَاهِدًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَصَرَّفُ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ وَالْإِذْنُ فَكُّ الْحَجْرِ، وَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ وَصَحَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْبَالِغَ امْرَأَةً بِحَضْرَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُبَاشِرًا فَيَنْتَقِلُ إلَى الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ لَا يَجُوزُ فَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَرَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَدَمَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ السَّيِّدِ لَيْسَ فَكًّا لِلْحَجْرِ عَنْهُمَا فِي التَّزَوُّجِ مُطْلَقًا وَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ وَكِيلِهِ ثُمَّ إذَا وَقَعَ التَّجَاحُدُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَلِلْمُبَاشِرِ أَنْ يَشْهَدَ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عَقَدَهُ بَلْ قَالَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَنَحْوَهُ، وَإِنْ بَيَّنَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا قَالَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ يَشْهَدْ بِالْعَقْدِ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تُقْبَلُ، وَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْعَقْدِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ أَنَّ مَنْ تَوَلَّى نِكَاحَ امْرَأَةٍ مِنْ رَجُلٍ، وَقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ هَلْ يَجُوزُ لِلَّذِي تَوَلَّى الْعَقْدَ أَنْ يَشْهَدَ قَالَ: نَعَمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْعَقْدَ لَا غَيْرُ فَيَقُولُ هَذِهِ مَنْكُوحَتُهُ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْأَخَوَيْنِ إذَا زَوَّجَا أُخْتَهُمَا ثُمَّ أَرَادَا أَنْ يَشْهَدَا عَلَى النِّكَاحِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَا هَذِهِ مَنْكُوحَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي الْفَتَاوَى بَعَثَ أَقْوَامًا لِلْخُطْبَةِ فَزَوَّجَهَا الْأَبُ بِحَضْرَتِهِمْ فَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي جَعْلِ الْكُلِّ خَاطِبِينَ فَيُجْعَلُ الْمُتَكَلِّمُ فَقَطْ وَالْبَاقِي شُهُودٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَاخْتَارَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْجَوَازَ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ)

شُرُوعٌ فِي بَيَانِ شَرْطِ النِّكَاحِ أَيْضًا فَإِنَّ مِنْهُ كَوْنَ الْمَرْأَةِ مُحَلَّلَةً لِتَصِيرَ مَحَلًّا لَهُ وَأَفْرَدَ بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِكَثْرَةِ شُعَبِهِ، وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي إضَافَةِ التَّحْرِيمِ إلَى الْأَعْيَانِ، فَقِيلَ: مَجَازٌ وَالْمُحَرَّمُ حَقِيقَةً الْفِعْلُ، وَرَجَّحُوا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَانْتِفَاءُ مَحَلِّيَّةِ الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ شَرْعًا بِأَسْبَابٍ تِسْعَةٍ: الْأَوَّلُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالنَّسَبِ: وَهُنَّ فُرُوعُهُ وَأُصُولُهُ وَفُرُوعُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ نَزَلُوا وَفُرُوعُ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ إذَا انْفَصَلُوا بِبَطْنٍ وَاحِدٍ. الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ: وَهُنَّ فُرُوعُ نِسَائِهِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَأُصُولُهُنَّ وَحَلَائِلُ فُرُوعِهِ وَحَلَائِلُ أُصُولِهِ، وَالثَّالِثُ الْمُحَرَّمَاتُ بِالرَّضَاعِ وَأَنْوَاعُهُنَّ كَالنَّسَبِ، وَالرَّابِعُ حُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَحُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّاتِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْخَمْسِ، وَالْخَامِسُ حُرْمَةُ التَّقْدِيمِ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ جَعَلَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُحِيطِ قِسْمًا عَلَى حِدَةٍ وَأَدْخَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي حُرْمَةِ الْجَمْعِ، فَقَالَ: وَحُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَالْحُرَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ وَهُوَ الْأَنْسَبُ، وَالسَّادِسُ الْمُحَرَّمَةُ لِحَقِّ الْغَيْرِ كَمَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ وَمُعْتَدَّتِهِ وَالْحَامِلِ بِثَابِتِ النَّسَبِ، وَالسَّابِعُ الْمُحَرَّمَةُ لِعَدَمِ دِينٍ سَمَاوِيٍّ كَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ، وَالثَّامِنُ الْمُحَرَّمَةُ لِلتَّنَافِي كَنِكَاحِ السَّيِّدَةِ مَمْلُوكَهَا، وَالتَّاسِعُ لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَكَثِيرٌ وَهُوَ الْمُحَرَّمَةُ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالنِّهَايَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ سَبْعَةً مِنْهَا، وَذَكَرَ الْمُحَرَّمَةَ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فِي فَصْلِ مَنْ تَحِلُّ بِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: لَيْسَ فَكًّا لِلْحَجْرِ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ الْوَاقِعَيْنِ فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ وَحَيْثُ اقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْعَبْدِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ وَكِيلِهِ أَيْ الْأَنْقَلُ أَنَّ مُبَاشَرَةَ السَّيِّدِ لَيْسَ فَكًّا لِلْحَجْرِ لَزِمَ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِتَزْوِيجِ عَبْدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ عَدَمُ الْجَوَازِ) ، وَفَّقَ الْحَانُوتِيُّ بِحَمْلِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَبِلُوا جَمِيعًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ عَنْ خَطِّ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي الْمَقْدِسِيَّ. اهـ.

قُلْتُ: يُنَافِي هَذَا الْجَمْعَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَقَبِلَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَلِيَّ الْمَقْدِسِيَّ فِي الرَّمْزِ جَمَعَ بِمَا مَرَّ ثُمَّ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاح]

(فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>