للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (البقرة آية ١٧٢) {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (النحل آية ١١٤) .

ومن رحمة الله بعبده أنه يصونه مما يضره ويحميه مما يتلفه ولذا حرم عليه ما يعود بالضرر على بدنه أو نفسه أو عقله أو ماله، كالخمر وسائر المسكرات والمخدرات..

ولقد كشف البحث الإنساني أضرارا بالغة من وراء تعاطي شيئا من هذه الأشياء المحرمة جعلت محمد فريد وجدي يقول:"لو عمل إحصاء عام عمن في مستشفيات العالم من المصابين بالجنون والأمراض العضالة بسبب الخمر، وعمن انتحر أو قتل غيره بسبب الخمر، وعمن يشكو في العالم من آلام عصبية ومعدية بسبب الخمر، وعمن أورد نفسه موارد الإفلاس بسبب الخمر، وعمن تجرد من أملاكه بيعا أو غشا بسبب الخمر.. لو عمل إحصاء بذلك أو ببعضه لبلغ حدا هائلا تجد كل نصح بإزائه صغيرا"١.

وحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول:"اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر"٢.

و"لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر"٣ و"الخمر أم الخبائث"٤.

وتأمل كلمة الرسول صلى الله عليه وسلم الجامعة العامة"مفتاح كل شر"وقوله"أم الخبائث"لتدرك أن شرب الخمر مفتاح لمصائب فادحة وكرب جسام.

وكذلك كل مادة يثبت إسكارها أو تخديرها للعقل ينطبق عليها نفس الحكم الذي تقرر للخمر..

ومن حق الله تعالى وهو المنعم المتفضل بالخلق والرزق أن يتعبد عباده بما يشاء من التكاليف دون أن يسأل عما يفعل، فذلك حق ربوبيته جل وعلا، لكن من رحمة الله بخلقه ولطفه بهم أنه جعل التحريم يتبع الخبث والضرر فما يعود علينا بالمصلحة والفائدة أحله، وما يعود بالخبث أو الضرر حرمه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة آية ٢٢٠) .

{يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَات} (المائدة آية ٤) .

فالله لم يحل إلا الطيب النافع ولم يحرم إلا الخبيث الضار، ولهذا كان من أوصاف


١ دائرة معارف القرن العشرين ٣ / ٧٩١.
٢ الحاكم.
٣ ابن ماجة والبيهقي عن شهر بن حوشب.
٤ الطبراني الأوسط _ انظر: الجامع الصغير.

<<  <   >  >>