للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مالك الخزاعي الذي ولي طرسوس ثماني عشرة سنة١. وولي قضاءها صالح بن أحمد بن حنبل٢، وموسى بن داود الضبي الخلقاني، وتوفي بها عام ٢١٦ هـ. وكان يوصف بأنه قاضي طرسوس وعالمها٣.

من هذا العرض تظهر صلة طرسوس القوية بأمصار الإسلام، وتتبنّ مظاهر الاحترام والتقدير، الذي حظيت به طرسوس في قلوب المسلمين، من مختلف طبقاتهم، الحكام والوزراء، والأمراء، والعلماء، وقادة الجيوش، وأرباب الجهاد، والعامة. فكانت تظهر فيها عظمة الإسلام والمسلمين، فكان يقال:

"من محاسن الإسلام يوم الجمعة ببغداد، وصلاة التراويح بمكة، ويوم العيد بطرسوس"٤ إذ كانت تظهر في طرسوس الأبهة الإسلامية بأجلى معانيها، لغيظ الكفار، وإلقاء الرعب في قلويهم في العيدين، فكانت تسطع فيها الأنوار، في ليالي العيد، وتتجاوب أصوات المسلمين بالتهليل، والتكبير، وتزدحم الأنهار بالزوارق المزينة بأبهى الزينات، وتسطع من جوانبها أنوار القناديل، ويخرج الناس بأسلحتهم ودراعاتهم بدل دروعهم، وعليها يكتب: "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم".

وسقطت طرسوس، وبقيت مسيرة الإسلام بين مدّ وجزر، وفتحت صفحات أخرى من الجهاد وفي ثغور أخرى. وتبقى المسيرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ويبقى التزام المسلمين بإسلامهم هو سبب عزتهم. وبدونه تكون لهم المذلة.


١ تاريخ بغداد ١٢/ ٤١٥.
٢ نفسه ٩/٣١٨
٣ نفسه ١/٣٣، سير أعلام النبلاء٠ ١/ ٣٦ ١.
٤ انظر تاريخ بغداد ١/ ٤٧، المدور- حضارة الإسلام في دار السلام ص ٢٢، حسن إبراهيم- تاريخ الإسلام ٢/ ٤٣٥، المسالك والممالك ...

<<  <   >  >>