للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولد، مبغّض في العشيرة، فو الله مَا كذبت فِي الأولى، ولقد صدقت فِي الثانية، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن من البيان لسحرا. وروي أن قدومه على النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ، وفي وفد تميم سبعون أو ثمانون رجلا، فيهم الأقرع بْن حابس، والزبرقان بْن بدر، وعطارد ابن حاجب، وقيس بْن عَاصِم، وَعَمْرو بْن الأهتم، وهم الذين نادوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وراء الحجرات، وخبرهم طويل. ثُمَّ أسلم القوم، وبقوا بالمدينة مدةً يتعلمون القرآن والدين، ثُمَّ أرادوا الخروج إِلَى قومهم، فأعطاهم النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكساهم، وَقَالَ: أما بقي منكم أحد! وَكَانَ عَمْرو بْن الأهتم فِي ركابهم. فقال قَيْس بْن عَاصِم- وَهُوَ من رهط عَمْرو، وقد كَانَ مشاحنا لَهُ: لم يبق منا أحد إلا غلام حدث فِي ركابنا، وأزرى بِهِ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مَا أعطاهم، فبلغ عمرا مَا قَالَ قَيْس، فقال له عمرو:

ظللت مفترش العلياء [١] تشتمني ... عند النَّبِيّ فلم تصدق ولم تصب

إن تبغضونا فإن الروم أصلكم ... والروم لا تملك البغضاء للعرب

فإن سؤددنا عود وسؤددكم ... مؤخر عِنْدَ أصل العجب والذنب

وكان خطيبا جميلا، يدعى المكحل لجماله، بليغا شاعرا محسنا، يقال: إن شعره كَانَ حللا منتشرة، وَكَانَ شريفا فِي قومه، وَهُوَ القائل:

ذريني فإن البخل يَا أم هيثم [٢] ... لصالح أخلاق الرجال سروق


[١] في الإصابة: الهلباء. قال ابن فتحون: أراد بالهلباء ابنته فإنّها لكثيرة الشعر.
وأنشدها ابن عبد البر: العلياء فنسب إلى تصحيفه.
[٢] في أسد الغابة: يا أم هاشم. وفي س: يا أم مالك. وانظر المفضليات: ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>