للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفة، فكان الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة إذا هبت الصبا يَقُول: أعينوا أَبَا عُقَيْل على مروءته، وليس هَذَا فِي خبر المبرد. وفي خبر المبرد أن الصبا هبت يوما وَهُوَ بالكوفة مقتر مملق، فعلم بذلك الْوَلِيد بْن عقبة بْن أَبِي معيط- وَكَانَ أميرا عليها لعثمان، فخطب الناس، فَقَالَ: إنكم قد عرفتم نذر أَبِي عُقَيْل، وما وكد على نفسه، فأعينوا أخاكم. ثم نزل. فبعث إِلَيْهِ بمائة ناقة، وبعث إِلَيْهِ الناس، فقضى نذره. وفي خبر غير المبرد: فاجتمعت عنده ألف راحلة، وكتب إليه الوليد:

أرى الجزار يشحذ شفرتيه ... إذا هبت رياح أَبِي عُقَيْل

أغر الوجه أبيض [١] عامري ... طويل الباع كالسيف الصقيل

وفي ابْن الجعفري بحلفتيه ... على العلات والمال القليل

بنحر الكوم إذ سحبت عليه [٢] ... ذبول صبا تجاوب بالأصيل

قَالَ: فلما أتاه الشعر- وَكَانَ قد ترك قول الشعر- قَالَ لابنته: أجيبيه، فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر، فأنشأت تقول:

إذا هبت رياح أَبِي عقيلٍ ... دعونا عِنْدَ هبتها الوليدا

أشم الأنف أصيد [٣] عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا

بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بني حامٍ قعودا

أبا وهبٍ جزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا

فعد إن الكريم لَهُ معاد ... وظني يا بن أروى أن يعودا

ثم عرضت الشعر على أبيها، فَقَالَ: أحسنت لولا أنك استزدته. فقالت:

والله مَا استزدته إلا لأنه ملك، ولو كان سوقة لم أفعل.


[١] في مهذب الأغاني: أسيد.
[٢] في مهذب الأغاني: إليه ... تجاذب.
[٣] في مهذب الأغاني: أروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>