للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعباس، وإنما قَالَ ذلك فِي أبي البختري فِيمَا ذكروا لأنه لم يبلغه عنه شيء يكرهه، وَكَانَ ممن قام فِي نقض الصحيفة التي كتبت قريش عَلَى بني هاشم وبني المطلب، فلقيه المجذر بْن ذياد فَقَالَ له: يَا أبا البختري، قد نهى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قتلك ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وَهُوَ جبارة [١] بْن مليحة- رجل من بني ليث، قَالَ: وزميلي؟ فَقَالَ المجذر: لا والله، مَا نحن بتاركي زميلك مَا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو البختري: لا والله إذًا لأموتن أنا وَهُوَ جميعًا، لا يتحدث عني قريش بمكة أني تركت زميلي حرصًا عَلَى الحياة. فَقَالَ له المجذر: إن لم تسلمه قاتلتك، فأبى إلا القتال، فلما نازلة جعل أبو البختري يرتجز:

لن يسلم ابْن حرة زميله ... ولا يفارق جزعًا أكيله

حَتَّى يموت أَوْ يرى سبيله

وارتجز المجذّر:

أنا [٢] المجذر وأصلي من بلي ... أطعن بالحربة حَتَّى تنثني

ولا يرى مجذرًا يفري الفري

فاقتتلا، فقتله المجذر، ثم أتى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: والذي بعثك بالحق، لقد جهدت عَلَيْهِ أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا القتال، فقاتلته فقتلته، وقتل المجذر بْن ذياد يوم أحد شهيدًا، قتله الحارث بْن سويد بْن الصامت، ثم لحق بمكة كافرًا، ثم أتى مسلمًا بعد الفتح، فقتله النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمجذر، وَكَانَ الحارث بْن سويد يطلب غرة المجذر ليقتله بأبيه، فشهدا جميعا


[١] في أ: جنادة.
[٢] في أ: أنا الّذي يقال ...

<<  <  ج: ص:  >  >>