للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه إلى الشام، فلم يزل بها حتى ولي عثمان رضي الله عنه. ثم استقدمه عثمان لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة [١] ، فمات بها وصلى عليه عَبْد الله بن مسعود، صادفه وهو مقبل من الكوفة، مع نفر فضلاء من أصحابه [٢] ، منهم: حجر بن الأدبر، ومالك بن الحارث الأشتر، وفتى من الأنصار، دعتهم امرأته إليه فشهدوا موته، وغمضوا عينيه، وغسلوه وكفّنوه في ثياب الأنصاري في خبر عجيب حسن فيه طول.

وفي خبر غيره أن ابن مسعود لما دعي إليه وذكر له بكى بكاء طويلا.

وقد قيل: إن ابن مسعود كان يومئذ مقبلا من المدينة إلى الكوفة فدعى إلى الصلاة عليه، فقال ابن مسعود: من هذا؟ قيل: أبو ذر. فبكى بكاء طويلا. وقال: أخي وخليلي، عاش وحده، ومات وحده، ويبعث وحده، طوبى له.

وكانت وفاته بالرّبذة سنة ثنتين وثلاثين، وصلى عليه ابن مسعود رضي الله عنهما.

وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَثْيَمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ ذرّ زوجة أبى ذَرٍّ، قَالَتْ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ بكيت. فقال لي: ما يبكيك؟

فقلت: وما لي لا أَبْكِي وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ كَفَنًا لِي وَلا لك؟ ولا يد لي للقيام [٣] يجهازك. قال: فابشرى


[١] الرَّبَذَة: من قرى المدينة.
[٢] في ى: الصحابة.
[٣] في ى: بالقيام.
(الاستيعاب ج ١ م ٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>