للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال قائل لعلىّ بن أبى طالب: اهْجُ عَنَّا الْقَوْمَ الَّذِينَ يَهْجُونَنَا. فَقَالَ:

إِنْ أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْتُ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذِنْ لَهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُرَادُ فِي ذلك منه، أو: ليس في ذلك لك.

ثُمَّ قَالَ: مَا يَمْنَعُ الْقَوْمُ الَّذِينَ نَصَرُوا رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسِلاحِهِمْ أَنْ يَنْصُرُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ؟ فَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا لَهَا، وَأَخَذَ بِطَرْفِ لِسَانِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ ما يسرّنى به مقول [١] بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ وَكَيْفَ تَهْجُو أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. فَقَالَ لَهُ: إِيتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ الْقَوْمِ مِنْكَ.

فَكَانَ يَمْضِي إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِيَقِفَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُ: كُفَّ عَنْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، وَاذْكُرْ فُلانَةَ وَفُلانَةَ، فَجَعَلَ حَسَّانٌ يَهْجُوهُمْ. فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ شِعْرَ حَسَّانٍ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ مَا غَابَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَوْ: مِنْ [٢] شِعْرِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ.

فَمِنْ شِعْرِ حَسَّانٍ فِي أبى سفيان بن الحارث [٣] :

وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... بَنُو بنت مخزوم ووالدك العبد


[١] في ى: أقول. وفي أ: ت: مقولا.
[٢] في أ: أو متى شعر ابن أبى قحافة.
[٣] ديوانه: ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>