للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا تمثل بِهِ ابْن الزُّبَيْر. قَالَ: وحماه موليان لَهُ، أحدهما يَقُول:

العبد يحمي ربه ويحتمي.

قَالَ: ثُمَّ اجتمعوا عَلَيْهِ، فلم يزالوا يضربونه حَتَّى قتلوه ومولييه جميعا، ولما قتل كبر أهل الشام، فَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر: المكبرون عَلَيْهِ يَوْم ولد خير من المكبرين عَلَيْهِ يَوْم قتل.

وقال يَحْيَى بْن حرملة: دخلت مكة بعد ما قتل ابْن الزُّبَيْر بثلاثة أيام، فإذا هُوَ مصلوب، فجاءت أمه- امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل! فَقَالَ لَهَا الْحَجَّاج: المنافق! فقالت:

والله مَا كَانَ منافقا، ولكنه كَانَ صواما برا. قَالَ: انصرفي، فإنك عجوز قد خرفت. قالت: لا والله مَا خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير. أما الكذاب قد رأيناه، وأما المبير فأنت المبير. قال أَبُو عُمَر: الكذاب فيما يقولون المختار بْن أَبِي عُبَيْد الثقفي.

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ:

كُنْتُ أَوَّلُ مَنْ بَشَّرَ أَسْمَاءَ بِنُزُولِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَدَعَتْ بِمِرْكَنٍ وَشَبِّ يَمَانٍ. وَأَمَرَتْنِي بِغَسْلِهِ، فَكُنَّا لا نَتَنَاوَلُ عُضْوًا إِلا جَاءَ مَعَنَا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتتناول الْعُضْوَ الآخَرَ، حَتَّى فَرَغْنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: اللَّهمّ لا تمتنى حتى تقرّ عيني بحثته، فَمَا أَتَتْ عَلَيْهَا جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>