للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من واسط عشرون ألف من الديلم. فنفذ المتقى وألّبهم عليه وضمّهم إلى عسكره فانحدر ابن البريدي هاربا إلى واسط ونهبت أمواله وذخائره وقتل خلق من أصحابه «٤٨٥» .

واستوزر المتقى أبا إسحاق «٤٨٦» [١] القراريطي حتى قال الناس: قد انسحقت الخلافة في أيام المتقى، هو أبو إسحاق وزيره أبو إسحاق وذكروا جماعة من خواصه اسم كل واحد منهم إما أبو إسحاق أو إسحاق، وذكروا في الجملة أمه وأنها سحاقة.

ثم إن القراريطي قال للخليفة: لا طاقة لي بالعسكر وإنما أنا كاتب فانظر في من يدبّر أمر عسكرك فاختار المتقى كورتكين الديلميّ «٤٨٧» وجعله أمير الأمراء وطوّقه وسوّره. وهو كان أحد الديلم الذين أصعدوا مع البريدي من واسط.

وخلع المتقى على بدر الخرشنى واستحجبه وذلك كله في شوال من سنة تسع وعشرين وثلاث مائة «٤٨٨» . وورد الخبر بقدوم أبى بكر بن رائق من الشام إلى الحضرة فاستشعر كورتكين من أن يولّيه المتقى إمارة الأمراء مكانه لأنه كان تسمّى بها أيام الراضي.

فاستأذن الخليفة في الخروج إليه ودفعه فأذن له قولا باللسان وقلبه مع ابن رائق، ونفذ إلى ابن رائق يأمره بسرعة القفول. فدخل ابن رائق بغداد وهرب منه كورتكين ونودي في جانبي بغداد: يا معاشر العامة قد أبحناكم مال الديلم، فما بقي عيّار ولا ملّاح ولا مكدى [٨٢ أ] إلا وانتهب دورهم وقتلوا من وجد منهم «٤٨٩» ونفذ ابن رائق خلف كورتكين من أسره «٤٩٠» .

وكان العامة إذا أخذوا ديلميّا شوّهوا به، إما قطعوا أذنيه أو يديه أو أنفه وهو حىّ يرى ما يفعل به. وبعض العيّارين أخذوا جماعة من الديلم وطبخوهم وأكلوهم وجرى عليهم من النكال ما لم يجر على مخلوق قبلهم. وصار كل من له في إنسان غرض أو له معه عداوة يقول له: أنت كنت مع الديلم فإما يقتل أو يصادر، حتى قال الناس كلهم: كان يمكن السلطان أن يبلغ من الديلم ما يريده بأحسن من هذا الوجه «٤٩١» .

وخلع السلطان على أبى بكر محمد بن رائق يوم الثلاثاء لأربع بقين من ذي الحجة وقلّده إمارة الأمراء وعقد له لواءين: أحدهما على المشرق والآخر على المغرب وطوّقه


[١] أضف: المنتظم ٦/ ٣١٨ رواية عن التنوخي.

<<  <   >  >>