للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لطيفة فيها: «كتبت هذه الرقعة ورأس عليّ بن عيسى بين يدىّ وخاتمه في إصبعي وأنا منه لخبر لا معتدّ بأثر» «١٧٩» فحين وصلت الرقعة إلى المأمون وقرأها استحسن بلاغته واختصاره وقال لمن كان حاضرا عنده: سيجيء كتاب الفتح في طوامير ولا يكون فيه هذه البلاغة. وكان كما قال.

وحين نفذ الرأس إلى المأمون [كتب] يستأذنه فيما يعتمده بعد ذلك [ف] أمره المأمون أن يتوجّه إلى بغداد ويأتيه بأخيه محمد الأمين مقيدا كما أمر الأمين عليّ بن عيسى أن يعتمده في حقه. وحينئذ صعد المأمون المنبر وكان بمرو وخلع أخاه وذكر نكثه وغدره وفسقه وفجوره ودعا إلى نفسه فبايعه الناس. وكتب إلى طاهر بن الحسين عهدا بولاية خراسان وسائر بلاد المشرق وعقد له لواء ذا شعبتين ولقبه ذا اليمينين «١٨٠» .

وفيه يقول الشاعر:

يا ذا اليمينين وعين واحدة ... نقصان عين ويمين زائدة

وحين وصل الخبر بهزيمة [عليّ بن] عيسى وأسره وقتله إلى محمد الأمين وتوجه طاهر بن الحسين إلى بغداد كان على شاطئ دجلة يصطاد سمكا مع جماعة من الخدم وكان فيهم خادم يسمى «كوثرا» كان يعشقه. فقال: دعوني من صداع العسكر ومن هزم منهم ومن قتل، كوثر اصطاد ثلاث سمكات وما اصطدت إلا سمكتين «١٨١» .

وفي هذا الخادم يقول الأمين:

ما يريد الناس من صب بمن يهوى كئيب [٣٢ أ] ... أظلم الناس الّذي يلحى محبّا في حبيب

كوثر ديني ودنياي وسقمي وطبيبي «١٨٢»

ولما كان بعد أيام قلائل جاء طاهر بن الحسين وحاصر الأمين ببغداد، ودرست محاسن بغداد في ذلك الحصار واستولى طاهر على جميع محال بغداد ولم يبق شيء سوى الخلد الّذي كان الأمين ينزل فيه وهو مع ذلك لا يفيق من الشراب لحظة.

حكى «١٨٣» أن كوثرا خرج يوما يبصر الحرب فوقع فيه سهم فجاء إلى الأمين والدم

<<  <   >  >>