للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخادم الّذي نفذه إلى محمد فقال له الرشيد: هات ما عندك، قال: يا أمير المؤمنين دخلت على محمد وعنده جماعة من المطربين والمساخر والصفاعنة والمخانيث وهو يشرب وهم يتصافعون ويتشاتمون وهو يضحك فجلست وتحدّثت كما أمرتنى ثم قلت له في أثناء كلامي: يا سيدي إن أفضت الخلافة إليك ما تصنع بى؟ فقال لي: [٣٦ ب] أعطيك كذا [و] كذا ألف دينار وأقطعك الضيعة الفلانية وأفعل معك وأصنع.

وبيناهم في الحديث جاء الخادم الآخر، فقال له الرشيد: هات ما عندك قال:

يا أمير المؤمنين دخلت على عبد الله فرأيت مجلسه مغتصّا بالفقهاء والشعراء والقرّاء وأصحاب الحديث وهو يفاوضهم فصبرت حتى تقوّض المجلس ودنوت منه ودعوت له وقلت: يا سيدي أرى والله مخايل النجابة عليك وإني لأشمّ من أعطافك روائح الخلافة فإن أفضت إليك فماذا تصنع معى؟ فلما سمع هذا الكلام منى استشاط غضبا وأخذ دواة كانت بين يديه فرماني بها وقال: بل يطيل الله بقاء أمير المؤمنين ويديم دولته ويمدّ في عمره ويجعلنا فداه. ويلك قد جئت تبشّرني بموت أبى وتطلب منى عند ذلك مراعاتى لك وإحساني إليك؟ لا أرانا الله يومه وقدّمنا قبله «٢٠٤» . فلما سمع الرشيد جوابهما وزبيدة أيضا تسمع قال لها: أتلومينني على الميل إلى عبد الله أكثر من محمد؟ والله ثم والله لولا مراقبتى لك وإشفاقي على قلبك لخلعت محمدا من العهد وقدمت عبد الله عليه.

وحين سافر الرشيد إلى الشام ولّاه الرقة وظهر من شهامته ما حمد أثره فيه.

وحين غزا الرشيد في سنة تسعين ومائة وهي غزاة هرقلة استصحبه معه وبان من شجاعته وإقدامه وتدبيره ما أدهش الناس.

وكانت بيعته بالخلافة ببغداد بعد قتل الأمين لأنه كان قد تسمّى بها وهو بخراسان لما وصله الخبر بقتل عليّ بن عيسى بن ماهان [٣٧ أ] .

ولما قتل الأمين وبويع المأمون ببغداد بالخلافة نفذ طاهر بن الحسين إليه مع

<<  <   >  >>