للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثاني والعشرون

في تحذير السلف عن علم الكلام

علم الكلام هو ما أحدثه المتكلمون في أصول الدين من إثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها، وأعرضوا بها عما جاء الكتاب والسنة به، وقد تنوعت عبارات السلف في التحذير عن الكلام وأهله لما يفضي إليه من الشبهات والشكوك حتى قال الإمام أحمد: " لا يفلح صاحب كلام أبدا".

وقال الشافعي: " حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، والنعال، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على علم الكلام " اهـ.

وهم مستحقون لما قاله الإمام الشافعي من وجه ليتوبوا إلى الله ويرتدع غيرهم عن اتباع مذهبهم، وإذا نظرنا إليهم من وجه آخر وقد استولت عليهم الحيرة واستحوذ عليهم الشيطان فإننا نرحمهم ونرق لهم ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاهم به.

فلنا فيهم نظران، نظر من جهة الشرع: نؤدبهم ونمنعهم به من نشر مذهبهم، ونظر من جهة القدر نرحمهم ونسأل الله لهم العافية، ونحمد الله الذي عافانا من حالهم.

وأكثر من يخاف عليهم الضلال هم الذين دخلوا في علم الكلام ولم يصلوا إلى غايته.

ووجه ذلك أن من لم يدخل فيه فهو في عافية، ومن وصل إلى غايته فقد تبين له فساده ورجع إلى الكتاب والسنة كما جرى لبعض كبارهم (١)


(١) راجع ص ٥٩ من الباب الرابع

<<  <  ج: ص:  >  >>