للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العنصر الرابع: التطرف في التنزيه يستلزم إبطال الدين كله

ذكرنا أن من الناس من تطرف في التنزيه حتى أنكر الصفات، أو أنكر بعضها، أو أنكر الإيجابية منها، أو أنكر الإيجابي والسلبي، فأقول: إن التطرف في التنزيه في كل أقسامه يؤدي إلى إبطال الدين كله.

مثال ذلك: إذا كان المنزه يثبت بعض الصفات وينكر بعضها قلنا له: لماذا تثبت؟ ولماذا تنكر؟

قال: أثبت هذه الصفات لأن العقل دل عليها، وأنكر هذه الصفات لأن العقل لم يدل عليها، أو دل على نفيها.

فيقول له القوم الآخرون: نحن ننكر جميع الصفات لأن العقل لا يدل عليها، أو لأن العقل دل على نفيها، فلا يستطيع الأول أن يرد على هؤلاء؛ لأنه إذا رد عليهم بأن العقل يثبت ذا وينكر ذا أو لا يثبته قال: أنا عقلي لا يثبت ما تثبت، وما دام المرجع هو العقل فإن ما أنكرته أنت بحجة العقل فأنا أنكر ما أنكر بحجة العقل، ولكن الأمر لا ينتهي عند موضوع الصفات.

بل يأتينا أهل التخييل الذين أنكروا اليوم الآخر، وأنكروا رسالة الرسل، بل أنكروا وجود الله رأسا -والعياذ بالله- فيقولون: عقولنا لا تقبل أن تحيا العظام وهي رميم، لا تقبل وجود جنة ولا نار، فيحتجون بالعقل كما احتج هؤلاء بالعقل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإثبات الصفات في القرآن والسنة أكثر من إثبات المعاد، فأي إنسان ينكر الصفات فإنه لا يمكن أن يدفع إنكار من أنكر المعاد، ولا ريب أن إنكار المعاد وإنكار الشرائع إبطال للدين كله، والخلاص من هذا هو اتباع طريق السلامة، أن نثبت ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات، وننفي ما نفاه الله عن نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>