للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العنصر السادس: ادعى أهل التحريف والتعطيل على أهل السنة أنهم أولوا بعض النصوص ليلزموهم بتأويل البقية أو المداهنة فيها

هذه دعوى تلبيس وتشكيك، وقد نشرت في الصحف، نشرها من نشرها وقال: أنتم يا أهل السنة تشنعون علينا، تقولون: أنتم تأولون، وأنتم يا أهل السنة قد أولتم، فما بالكم تشنعون علينا بالتأويل وأنتم تسلكونه؟

حقيقة إن هذه الحجة حجة قوية إذا ثبتت؛ لأنه لا يحق لأي إنسان أن يتحكم فيما يمكن تأويله أو يجب، وفيما لا يمكن، ولكن أهل السنة والجماعة يقولون: هذه دعوى تلبيس وتشكيك، فإننا لسنا على هذه الطريقة، وأنتم رميتمونا بذلك إما لإلزامنا أن نقول بالتأويل كما قلتم به، وإما لإلزامنا أن نسكت عن تحريفكم ونداهن، ولكنا بعون الله لن نسكت على ما نرمى به ونحن منه بريئون.

وهذا التأويل الذي ادعاه بعض أهل التأويل ورمى به أهل السنة والجماعة لنا عنه جوابان:

الجواب الأول: أن نمنع أن يكون طريق أهل السنة في ذلك تأويلا؛ لأن التأويل في اصطلاح المتأخرين -وهو الذي يعنيه هؤلاء- هو صرف اللفظ عن ظاهره.

وأهل السنة يقولون: ظاهر الكلام ما دل عليه الكلام باعتبار السياق، أو باعتبار حال المتكلم به، هذا هو ظاهر الكلام، وليس للكلمات معنى خلقت له لا تستعمل في غيره، ولكن معنى الكلمات إنما يظهر بسياقها وبحال المتكلم بها، نحن كنا قرأنا في البلاغة أو بعض منا قرأ في البلاغة ورأى أن الاستفهام يأتي لعدة معان، وقرأنا في حروف الجر ومعانيها، وعلمنا أن بعض الحروف يأتي لعدة معان، فما الذي يعين هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>