للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به، أي أن يتوسل الإنسان إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله فيقول: اللهم بإيماني بك وبرسولك أسألك كذا وكذا. فيصح هذا، ودليله قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} إلى أن قال: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} أي فبسبب إيماننا برسولك فاغفر لنا، فجعلوا الإيمان به وسيلة للمغفرة.

فالتوسل بالإيمان بالله، والإيمان برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتوسل بمحبة الله، ومحبة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جائز؛ لأن الإيمان بالله سبب موصل للمغفرة، ومحبة الله ورسوله سبب موصل للمغفرة، فصح أن يتوسل إلى الله تعالى به.

القسم الرابع: التوسل إلى الله تعالى بحال الداعي، أي أن يتوسل الداعي إلى الله بحاله ولا يذكر شيئا مثل أن يقول: "اللهم إني أنا الفقير إليك، اللهم إني أنا الأسير بين يديك" وما أشبه ذلك، والدليل على ذلك قول موسى عليه الصلاة والسلام حين سقى للمرأتين ثم تولى إلى الظل فقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} ولم يذكر شيئا.

ووجه هذه الآية أن حال الداعي إذا وصفها الإنسان فإنها تقتضي الرحمة واللطف والإحسان، لا سيما إذا كانت بين يدي أرحم الراحمين جل وعلا.

أرأيت لو أن رجلا مشى معك وقال: أنا فقير أبو عائلة لا أستطيع التكسب غريب الدار، فيسأل ويتوسل إليك بحاله، فأنت إذن تعرف الأمر وتعطيه إذا كنت كريما.

<<  <  ج: ص:  >  >>