للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ما ذكرناه من قتال اليهود وقتال الصحابة بني حنيفة، وكذلك «أراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يغزو بني المصطلق لما أخبره رجل أنهم منعوا الزكاة حتى أنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} وكان الرجل كاذبًا عليهم» (١) ، وكل هذا يدل على أن مراد النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في الأحاديث التي احتجوا بها ما ذكرناه.

ولهم شبهة أخرى: وهو ما ذكر النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: فهذا يدل على أن الاستغاثة بغير الله ليست شركًا.

والجواب أن نقول: سبحان من طبع على قلوب أعدائه فإن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال الله تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء، أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله.

ــ

وهو أن مجرد قول: " لا إله إلا الله " ليس مانعًا من القتل بل يجوز قتال من قالها إذا وجد سبب يقتضي قتاله.

قوله: " ولهم شبهة أخرى " يعني في أن الاستغاثة بغير الله ليست شركًا وقد أجاب عنها بجوابين:


(١) أخرجه ابن جرير الطبري جـ ٢٦ ص ١٢٣، وابن كثير جـ ٤ ص ١٨٧ وقال: "قد روي طرق لهذا الحديث من أحسنها ما رواه الإمام أحمد"، والهيثمي في " المجمع " جـ ٧ ص ١١١ وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>