للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي عليه الجمهور: أن العرش قبل لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا «إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه في الماء» ، (١) وحملوا إن أول ما خلق الله القلم (أي من هذا العالم) قال ابن جرير: وقال آخرون: بل خلق الله الماء قبل العرش. ثم حكى عن محمد بن إسحاق أن أول ما خلق الله النور والظلمة، ثم ميز بينهما، ثم قال: وقد قيل: إن الذي خلق ربنا بعد القلم الكرسي، ثم العرش، ثم الهواء والظلمة، ثم الماء، فوضع عرشه على الماء. والله أعلم.

فائدة:

[أفعال العباد]

اعلم أن الناس في أفعال العباد على ثلاثة أقسام:

طرفين، ووسط.

فأما الطرفان فهما الجبرية والقدرية النفاة.

فالجبرية زعموا أن العبد مجبور على فعله مقهور لا تأثير له فيه البتة، حتى بالغ غلاتهم بأن فعل العبد هو عين فعل الله، ولا ينسب إلى العبد إلا على سبيل المجاز وأن الله يلوم العبد ويعاقبه على ما لا صنع له فيه، ولا إرادة، ولا اختيار، بل هو مضطر إليه لا فرق بينه وبين حركة المرتعش.

واستدل هؤلاء بأنه قد تقرر عقلا وشرعا، بأن الله خالق كل شيء ومليكه ومدبره، لا يشذ عن هذا الأصل العظيم شيء، لا كلي ولا جزئي لا من أفعال العباد ولا غيرها. كما قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} .


(١) أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه" " ٢٦٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>